للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: عبر الحديث عن الإنفاق في صورة أدبية بليغة، تتكون من رجل لبس درعًا من الفولاذ أو الحديد، يحيط بصدره، كلما حرك نفسه بالجهاد وكثرة الإنفاق طال الدرع، حتى كان سابغًا على جميع بدنه، يشتمل عليه كله ليحفظه؛ وينجيه من الهلاك، ويزداد في حجمه كما وكيفًا؛ فيزداد خيرًا ووفرة وبركة؛ وطهرًا وعمرًا ونسلًا وأولادًا؛ مصداقًا لقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} . {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} ، {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} ، {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وينزل ملكان، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الثاني: اللهم أعط ممسكًا تلفًا"، ويقول أيضًا: "حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، واستقبلوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع"، "من أراد أن ينسأ له في أجله؛ ويبارك له في عمره وولده وماله؛ فليصل رحمه" أي بالمال وغيره من القربات والهدايا.

ثالثًا: عبر عن البخل والشح في صورة أدبية محسة بليغة؛ تتكون من رجل لبس درعًا من الفولاذ أو الحديد يحيط بصدره، فكلما أمسك عن الإنفاق شحًا وبخلًا؛ أطبق بحلقاته وتلابيبه على صدره ممزقة؛ وعلى أنفاسه فأزهقها، وعلى روحه فخنقها، حتى يكاد أن يموت، فيحاول أن يوسعها فتزداد ضيقًا واختناقًا، حتى تزهق روحه، فيترتب على ذلك اكتناز المال وجموده، وهلاك النفس وتعذيبها، وحرمان الأولاد والناس، وقصر العمر والفقر في المال وقلة النسل والولد؛ والعزلة والبغض

<<  <   >  >>