أن جمعها؛ فالصدقة بالمفهوم المادي، صرح اقتصادي ما دام الفقر موجودًا، ويتوارى دورها خلال الاكتفاء الذاتي، لكن بلاغة هذا الحديث الشريف، جعل الصدقة لا تتوارى مطلقًا، بل تظل حية شاخصة في كل حين لما تقتضيه الضرورة من التصدق عن النفس كل يوم؛ شكرًا لله عز وجل على نعمائه الكثيرة، فخرجت عن إطارها المادي إلى قيم نفسية وإنسانية سامية، جاءت بالتفصيل في هذا الحديث، لأن أبواب الخير كثيرة، لا يدخل تحت حصر، جاءت في تصوير بلاغي عجيب، يصل إلى أعماق النفس وأصداء الوجدان، لتوقيع ألحان صافية، يحرك بها العوطف والمشاعر، فيأخذ بالعقول والألباب، ذلك في صور بليغة منها:
التصوير البلاغي للنفس الإنسانية وهي تحرك مشاعرها بالعرفان بالجميل، وبالشكر على النعيم والنعم الإلهية، فيلهج اللسان والقلب بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} ، {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} .
التصوير البلاغي للنفس الإنسانية وهي تحرك مشاعرها بالخير والحب والإخاء، وهي صدقة معنوية فترفع البلاء والمحنة والعذاب عن أخيه الإنسان، وعن المجتمع المسلم؛ فيلهج لسانه بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر:{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} ، {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} .
التصوير الأدبي للنفس الإنسانية وهي تحرك مشاعرها بالخير والحب والإخاء والتعاون؛ وهي صدقة معنوية فتميط الأذى عن الطريق، فترفع