للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللين، الذي يتمايل مع الريح ذهابًا وإيابًا، حتى إذا مضت عاد إلى اعتداله، وكيف لا يرضى المؤمن، وهو عبده وعلى أرضه وتحت سمائه، قال الله تعالى في الحديث القدسي الشريف: "فمن لم يرض بقضائي فليخرج من تحت سمائي وليتخذ ربًا سواي" وقال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} .

البلاغة في تصوير الفاجر بالأرزَة الصماء: وروعة التصوير الأدبي في بلاغة هذا الحديث الشريف، حين صور النبي -صلى الله عليه وسلم- الفاجر بصورة الأرزة الصُّلبة الصماء، فالريح لا تقصُمها ولا تحركها كالفاجر، لا يبتليه الله تعالى بالفتنة والتمحيص، بل يظل بمنجاة عن الابتلاء والاختبار؛ ليمهله الله عز وجل حتى إذا أخذه، أخذه أخذ عزيز مقتدر؛ فيقصمه بشدة مثل شجرة الأرزة، تظل صامدة أمام عواصف الريح، حتى تأتيها عاصفة فتقصمُها مرة واحدة، لأن الله تعالى يملي للفاجر من التيسير في الدنيا، ليزداد عسرًا وشدة في استخراج روحه وهلاكه في الآخرة، وتظهر البلاغة حينما اختفى لفظ الريح مع الفاجر، لأنه لا يستحق أن يتعرض للابتلاء والتمحيص من الله تعالى، على العكس من عبده المؤمن، قال تعالى: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌْ} .

القيم التشريعية والخلقية في الحديث الشريف:

١- المؤمن سهل لين، وليس معاندًا قاسي القلب، فهو رقيق المشاعر يتعاطف مع غيره ويتعاون معه، ولا يضر أحدًا.

<<  <   >  >>