اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْأِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} ؛ لذلك ورد في حديث آخر رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها يصور خصومته:"أبغض الرجال إلى الله تعالى الألد الخصم" وعن أبي الدرداء فيما رواه ابن حنبل، قال النبي -صلى الله عليه وسلم:"كفى بك إثمًا ألا تزال مماريًا، وكفى له ظلمًا ألا تزال مخاصمًا، وكفى بك كذبًا ألا تزال محدثًا إلا حديثًا في ذات الله عز وجل"، وأحيانًا في المجتمع الذي تصدع بظاهرة النفاق، يلمع هذا النموذج البشري الخطير، فتتسلط عليه الأضواء زيادة في التعمية، ويتصدى لدعوة الإصلاح والتقويم، ويتصدر المجالس والاجتماعات، يدير الحوار الخادع، لا يبتغي من وراء ذلك إلا الشهرة وذيوع الصيت، ليصل إلى أغراضه من أقرب طريق، وفي أسرع وقت، وهؤلاء صورهم القرآن في أصح صورة، ليفضح أمرهم فتبور تجارتهم، قال تعالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ، وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ، اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ، مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ، صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ} .
في هذه الأحاديث الشريفة التي عبرت عن المنافق الخطير كما ورد في القرآن الكريم، فحددت صفاته وأبزرت معالمه، لكنه مع ذلك لا يخفى على المؤمن؛ فيستعين على فضح أمره ببصيرته النافذة وذكائه وفطنته، كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم:"المؤمن كيس فطن" فيفطن إلى تزييفه وتلفيقه