التصوير الفني لسماحة الإسلام ويسره بأسلوب القصر والتوكيد في قوله:"إنما بعثتم ميسرين"، وذلك في صورتين أدبيتين: الأولى التصوير الفني المؤكد بإنما، والثانية: التوكيد بقصر التيسير والسماحة على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم؛ فالمعنى أن التيسير مقصور على أمتكم أنتم وحدكم لا على غيركم، وذلك في قوله:"إنما بعثتم ميسرين"، وفي هذا أيضًا توجيه للأمة كلها؛ ليبلغوا عنه في حضوره وفي غيابه، كما جاء في حديث آخر:"يسروا ولا تعسروا" وفي قوله: "هلك المتنطعون" أي المتشددون.
وكذلك بلاغة التعبير في صورة النفي بعد الإثبات:"ولم تبعثوا معسرين" بعد قوله: "إنما بعثتم ميسرين"، وفي هذا التصوير الفني تأكيد على القيم الأخلاقية والتشريعية السابقة في سماحة الإسلام ويسره، لذلك كرر أسلوب النفي بعد الإثبات، لإثبات هذه القيم بالحجة والدليل، حتى يقتنع المتلقي بنفي العسر وهو النقيض لإثبات اليسر في الإسلام، على سبيل المبالغة بتصوير اليسر بصور متعددة كالرفق بالجاهل، وتقديم أخف الضررين، والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة قال تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} وقال أيضًا: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} .
القيم الخلقية والتشريعية في الحديث الشريف:
١- الأرض النجسة يطهرها الماء عند الفقهاء، وقد تطهر الأرض بالشمس والهواء عند بعضهم، أما في المسجد أو المنزل فلا بد من الماء لعدم التعرض للشمس، بالإضافة إلى حرمة المسجد وقداسته فيلزم فيه الماء.
٢- الغسالة طاهرة لأنها تبعد النجاسة عن سطح الأرض.
٣- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع الرفق بالجاهل في ذلك حتى يتعلم.
٤- التحرز عن النجاسة، وأنها تزول عند زوال المانع؛ فإذا زالت بالماء أصبح مكانها طاهرًا.
٥- تقديم أخف الضررين، فقد يضر الإنسان احتباس الماء إذا تأخر، مما يدل على سماحة الإسلام ويسره؛ وحرصه على سلامة الإنسان؛ بالإضافة إلى ما ذكر من القيم في التصوير النبوي في الحديث الشريف.