التصوير الأدبي في التعبير عن إجابة السؤال الثالث عن أحب الأعمال إلى الله تعالى في قوله:"الجهاد في سبيل الله"، وبلاغة التعبير بالجهاد تدل على قيم أخلاقية سامية، وهي جهاد النفس في مقاومة هواها وشيطانها، وعلى الكسب الحلال لتقوى على طاعة الله، وتترفع عن الحرام وذل السؤال، وتصون العرض، وهذا الجهاد أفضل من بذل النفس في ساحة القتال، لأنه هو الجهاد الأكبر كما ورد في الأثر الصحيح، وقصة الرجل الذي رده النبي -صلى الله عليه وسلم- عن صفوف المقاتلين في إحدى غزواته قائلًا له:"هل لك من والدين كبيرين"؟ قال نعم قال:"إذن ففيهما فجاهد".
وكذلك بلاغة التصوير الفني في قوله:"في سبيل الله"، فهي تشمل قيمًا أخلاقية كثيرة، لا تقصر الجهاد على ساحة القتال فحسب، بل تشمل كل عمل خالص لوجه الله تعالى؛ فبذل الجهد والسعي في تحصيل المال المشروع وإنفاقه في وجوهه المشروعة، وعلى صاحبه ومن يعولهم وعلى المحتاجين، وفي مصارف الخير كالتعليم والإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمشروعات التي تعود على المسلمين والإسلام بالقوة والعزة والتقدم والرقي، كل ذلك في سبيل الله.
وبلاغة الترتيب من هذه الأعمال الثلاثة جعلت أعمال الجهاد في سبيل الله السابقة في المرتبة الثالثة بعد الإيمان بالله وعبادته، وبعد بر الوالدين، لأن المرتبة الثالثة باطلة لا تنفع صاحبها بدونهما معًا، قال تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} .
القيم الخلقية والتشريعية في هذا الحديث الشريف:
١- حرص الصحابة رضي الله عنهم على التزود بالعلم وبالسؤال، وهو مفتاحه، وعلينا أن نقتدي بهم في ذلك مع الاقتصاد في الأسئلة خوفًا من الملل.