البلاغة أن يكون الاستفهام للإنكار؛ فالنبي يشعر بما حدث أثناء الصلاة بصرف النظر عمن وقع فيه منه الحدث؛ لأن الحكم الشرعي يتعلق بالفعل، لا بذات الشخص، فهو قيمة خلقية وتشريعية عامة للمسلمين؛ فقد أنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- على أبي بكرة هذا الصنيع، بدليل أنه قال له بعد ذلك:"لا تعد" لمثل هذا، والصورة الثانية في قوله:"الذي ركع دون الصف" تدل على شعور النبي -صلى الله عليه وسلم- بما حدث من الركوع قبل الصف وأحس به، وإن لم يره بعينيه، ولم يعرف شخصية الراكع؛ فهو يحتاج إلى الرؤية، وهذا الإحساس والشعور المبهم، يصوره اسم الموصول "الذي" المبهم لأنه لا يدل على تحديد شخص بعينيه، والصورة الثالثة في قوله -صلى الله عليه وسلم:"ثم مشى إلى الصف"؛ فهي تصور قيمًا تشريعية، يدل عليها حرف العطف "ثم"؛ فهو يدل على التراخي والنهي عن السرعة، مما يدل على أن الاطمئنان في الركوع ضروري وركن من أركان الصلاة، بحيث لا تصح إلا به، وتدل على قيمة ثانية، وهي أن الحركة القليلة كالمشي لا تبطل الصلاة؛ لأنها خطوة أو خطوتان، وتدل على قيمة تشريعية ثالثة، وهي أن الركعة تحسب إلى الركوع لا بعد ذلك، وكذلك صلاة الجماعة عند بعض الفقهاء وإن كان الجمهور يرى قبيل التسليم ولو لحظة.
التصوير الأدبي لبلاغة الأسلوب النبوي الشريف في قوله -صلى الله عليه وسلم:" زادك الله حرصًا ولا تعد" من خلال صور بلاغية نبوية اتصفت بما اختص به النبي -صلى الله عليه وسلم- بجوامع الكلم من بين أنبياء الله عز وجل؛ فالتصوير الأدبي هنا؛ وإن كان موجزًا؛ لكنه يضم صورًا بلاغية، تحمل قيمًا أخلاقية وتشريعية كثيرة، وهي غنية بروافدها وعناصرها التصويرية، وذلك من الجملة الخبرية في قوله:"زادك الله حرصًا"؛ فهي تدل على الدعاء للصحابي الجليل، وهو الشأن في الجملة الإنشائية لا الخبرية؛ لكنها بلاغة الرسول