فلا فرق بين المفطر في رمضان وقائل الزور فيه فعقابهما شديد، لكن عقاب قائل الزور وهو صائم أشد لحرمة شهر رمضان المعظم، الذي يضاعف فيه الأجر، مما يقتضي بشاعة الذنب في الحرمان من ثواب العمل المضاعف، إلى سبعين ضعف والله يضاعف لمن يشاء، وكذلك فالعقاب أشد كما جاء في الحديث الشريف:"فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، وثانيهما: عبر "بمن" وهي أداة تدل على الشرط التي تتضمن معنى الالتزام والإلزام باجتناب الزور، ولا مناص من ترتب الثواب على تركه، ولا مناص من العقاب لمن وقع منه، لأنه ترتب على فعل الشرط جواب الشرط وجزاؤه؛ فكان بمعنى الجزاء المتنوع حسب تركه أو فعله، لأن الجزاء من جنس العمل، كما يتضح من قوله:"فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" ويشمل جميع الحقوق، لأن قول الزور في حق الله أولى بالنهي عنه، لأنه يترتب عليه الكذب والافتراء والبهتان على الله ورسوله، ومن فعل ذلك فليتبوأ مقعده من النار، قال تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلامِ} وكذلك ما يترتب عليه من ضياع حقوق العباد، فيعين على نشر الفساد والظلم قال تعالى:{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} .
وبلاغة التصوير الأدبي: في التعبير عن ترك الزور والعمل به بصورة فنية محسة حين صور الحديث الشريف التحريم والنهي -وهو معنى مجرد- بمحسوس في "لم يدع" أي لم يترك الشيء المجسم، لأن تأثير المحسوس في النفس يكون أقوى، ويكون أيضًا دليلًا ملموسًا ومرئيًا، لتجمع هذه الصور البليغة بين الإمتاع والتأثير والإقناع معًا، ثم كانت بلاغة التعبير في الجمع بين قول الزور والعمل به، ليستقصي كل أشكاله، في التحريم سواء