أكان قولًا مجردًا من الفعل، حتى لا تشيع الفاحشة بين الناس، أو فعلًا وسلوكًا، وهو أشد فحشًا وإفسادًا في الأرض؛ لذلك جاء التحذير الشديد منه في حديث آخر يجعله من أكبر الكبائر:"ألا وقول الزور" وجعل يكررها حتى تمنى الصحابة رضي الله عنهم أن يسكت النبي -صلى الله عليه وسلم.
روعة التصوير الأدبي في بلاغة التعبير لقوله:"فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، وأسباب الجمال فيه تعتمد على عناصر فنية بليغة، منها أن جواب الشرط هنا جاء في صورة النفي في قوله:"فليس"، للدلالة على النهي والتحريم لبشاعة الجرم والإفساد، وأنه لا فرق في مضاعفة الأجر بين ترك الطعام والشراب وبين ترك المنهيات حتى ولو سقطت الفريضة عن الصائم؛ فلا يستحق مرتكب المحرمات من مضاعفة الأجر، لذلك فالله غير محتاج إلى شيء من ذلك، وإنما الصائم هو الذي يحتاج، وجاءت أيضًا هذه الصورة الفنية على سبيل الكناية، حين نفى السبب وهو ترك الأكل والشرب، وأراد المسبب وهو الرد وعدم التفات الله تعالى له ولا قبوله، بل حذر من الزور وفعله، ثم ذلك التوازن بين الإيقاع الموسيقي في فعل الشرط والجزاء، مما يثير الانتباه ويوقظ الوجدان ويأخذ بمجامع القلب والعاطفة، حتى تستقر هذه القيم في النفس عن طريق منافذ الإدراك المختلفة، مما يتفق مع حديث آخر "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر".
التصوير البلاغي: المستمد من المعاني الحقيقية، التي تواضع عليها علماء اللغة لألفاظ الحديث الشريف، وبلاغة أسلوبه، منها: بلاغة من الشرطية في صورة أدبية تفيد العموم، فلا فرق في تحريم الزور والعمل بين