قالت عائشة وقد روي مرفوعاً ((إنما جعل الطواف والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله)) [خرجه أبو داود والترمذي]، والأمر في الآية باتخاذ المقام مصلى كما قال ابن المنذر: يحتمل أن تكون صلاة الركعتين خلف المقام فرضاً {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(١٢٥) سورة البقرة] لكن هل الأمر الذي بني عليه هذا الاحتمال هو أمر بالصلاة أو أمر بالاتخاذ لمن أراد أن يصلي؟ الأمر (اتخذوا) من أراد أن يصلي فعليه أن يتخذ من مقام إبراهيم مصلى، وهل الأمر بالاتخاذ أمر بالصلاة ليقول ابن المنذر: تحتمل أن تكون صلاة الركعتين خلف المقام فرضاً؟ لكن أجمع أهل العلم على أن الطائف تجزئه ركعتا الطواف حيث شاء إلا شيئاً ذكر عن مالك في أن من صلى ركعتي الطواف الواجب في الحجر يعيد" انتهى كلامه.
الأمر باتخاذ مقام إبراهيم مصلى، كلام ابن المنذر يقول: "يحتمل أن تكون صلاة الركعتين خلف المقام فرضاً" الآن عندنا الصلاة والمكان الذي هو الحال المبينة لهذه الصلاة، فهل الأمر في الآية متجه إلى الصلاة أو متجه إلى أن تكون خلف المقام؟ {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(١٢٥) سورة البقرة] هل معنى هذا صلوا؟ أو صلوا في هذا المكان؟ يعني في قول يوسف -عليه السلام- {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا} [(١٠١) سورة يوسف] هل المقصود الوفاة؟ الطلب للوفاة أو الوفاة على الإسلام؟ يعني هل مراد يوسف -عليه السلام- أن يتوفاه الله ويتخلص من هذه الدنيا أو أن المطلوب التوفي حال كونه مسلماً؟ وهنا هل المأمور به اتخذوا هل الأمر للاتخاذ بمعنى أن صلاة الركعتين من أراد أن يصلي ركعتي الطواف فليصليهما خلف المقام، أو المأمور به الصلاة نفسها؟
ابن المنذر قال: "يحتمل أن تكون صلاة الركعتين خلف المقام فرضاً؛ لكن أجمع أهل العلم على أن الطائف تجزئه ركعتا الطواف حيث شاء إلا شيئاً ذكر عن مالك ... " إلى آخره.
يعني إجماع أهل العلم يدل على خلاف ما ذكره ابن المنذر في صدر كلامه، وأنها ليست بفرض، لا الصلاة ولا المكان.