محتاجة إلى التمر، تقول: أنا معي ألف ريال، نقول لك: اشترِ عشرة كيلو، ووزعهم على تمرة واحدة، أو اشترِ خمسمائة كيلو ووزع على الجميع شيء يكفيهم مدة، لا شك أن هذا مطلوب، الموازنة مطلوبة، فالخبث هنا نسبي.
[أدلة القائلين بعدم الوجوب:]
استدل من قال بعدم وجوبها وهم الجمهور بأدلة، منها:
ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئاً)).
وفي لفظ عند مسلم أيضاً:((إذا دخل العشر وعنده أضحية يريد أن يضحي فلا يمس شعراً، ولا يقلمن ظفراً)) وفي لفظ له عنها: ((إذا أراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره)) ووجه الاستدلال من حديث أم سلمة بألفاظه أن الأضحية موكولة إلى إرادة المضحي؛ لكن هل الحكم سيق لبيان حكم الأضحية، أو سيق لحكم ما يحتف بها من مقدماتها؟ يعني لو كان نص لمجموعة من الناس فيهم الذي حج، وفيهم الذي لم يحج الفرض، وقيل لهم: من أراد منكم أن يحج فليحتط لنفسه؛ لأن الجو بارد، هل في هذا ما يدل على أن الحج ليس بواجب؟
طالب: لا.
ما يدل على أن الحج ليس بواجب، فكونه موكول إلى إرادته ما سيق لبيان حكم الأضحية، الجمهور يستدلون بهذا الحديث، قالوا: إن الأضحية موكولة إلى إرادة المضحي، ولو كانت واجبة لما كانت كذلك، يقول النووي نقلاً عن الإمام الشافعي:"هذا دليل على أن التضحية ليست بواجبة لقوله: ((وأراد)) فجعله مفوضاً إلى إرادته ولو كانت واجبةً لقال: "فلا يمس من شعره حتى يضحي" لكن هل السياق فيه دلالة صريحة على عدم وجوب الأضحية؟ ما في دلالة صريحة؛ لأن الخبر ما سيق لذلك، وهذه المسألة، مسألة الدلالة الأصلية، والدلالة التبعية، الدلالة الأصلية يجمع أهل العلم على أنها هي المعتبرة، ولا ينازع فيها أحد؛ لكن الدلالة التبعية يختلفون فيها اختلاف قوي، والشاطبي في الموافقات بسط المسألة، وقرر أنه لا يستدل بها، مع أن الكلام في القبول والرد بالإطلاق لا يسوغ.