الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فسوف يكون محور هذا اللقاء في قول الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [(٦) سورة التحريم] لأن الإنسان لا يستطيع أن يقي نفسه، وأن يجعل بينه وبين عذاب الله وقاية إلا بمعرفة ما يتقي مما يُؤتى ومما يُترك، ولا يستطيع أن يقي أهله هذه النار التي وقودها الناس والحجارة إلا بتعليمهم ما ينفعهم، فمنطلقنا من هذه الآية، ومعولنا عليها أولاً وآخراً، ومن خلال كلام أهل العلم من كبار المفسرين الموثوقين يتبين ما أردت.
هذه الآية يقول الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسيرها يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله علموا بعضكم بعضاً ما تقون به من تعلمونه النار، وتدفعونها عنه إذا عمل به من طاعة الله، واعملوا بطاعة الله، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [(٦) سورة التحريم] كيف تقي نفسك هذه النار إلا بتعلم ما يتقى، الجاهل لا يستطيع أن يجعل بينه وبين النار وقاية، إلا بقدر ما يتعلمه مما يتقى به هذا العذاب.
يقول ابن جرير:{قُوا أَنفُسَكُمْ} علموا بعضكم بعضاً ما تقون به من تعلمونه النار، وتدفعونها عنه إذا عمل به من طاعة الله، واعملوا بطاعة الله، وقوله:{وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} يقول: وعلموا أهليكم من العمل بطاعة الله ما يقون به أنفسهم من النار، بهذا يظهر الارتباط الوثيق بين هذه الآية وبين ما نتحدث عنه من الأسرة الذين هم الأهل والأولاد والأقارب من ترابط.