لكن هل يلزم من كونهم يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين ألا يقولوا: بسم الله الرحمن الرحيم سراً, بحيث لم يسمعها الراوي؟ ولذا الحافظ ابن حجر حمل نفي الذكر على نفي الجهر, وصحح الرواية التي في صحيح مسلم، ومنهم من أعلها؛ لأنها مخالفة لما جاء في أحاديث أخرى، المقصود أن من أهل العلم من أعلها وضعفها، ومُثِّلَ بها لعلة المتن، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
وعلة المتن كنفي البسملة ... إذ ظن راوٍ نفيها فنقله
ما سمع، ظن أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يقلها البتة, فنقله، لكن إذا أمكن حمل الخبر الذي جاء بإسناد صحيح على محمل صحيح, بحيث يتفق ويتسق مع النصوص الأخرى, تعين ذلك, لا سيما وأن الخبر في صحيح مسلم، فإذا حملنا عدم الذكر على عدم الجهر انتهى الإشكال.
ومن أهل العلم من يرى استحباب الجهر بالبسملة مطلقاً؛ لأنها آية من الفاتحة, فهي كغيرها من آيات الفاتحة, يقرأ بها، فإذا قال: يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين, يعني بسورة الحمد، والبسملة آية منها على هذا القول، والجمهور على أنها يُسَرُّ بها, لحديث:((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين, فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين)) فدل على أنها ليست بآية من الفاتحة، والمسألة كون البسملة آية من الفاتحة أو ليست بآية مسألة طويلة الذيول, والخلاف فيها كبير بين أهل العلم على أنهم يتفقون على أنها ليست بآية من سورة براءة، وعلى أنها بعض آية من سورة النمل، والخلاف في غيرها من المواضع، وشيخ الإسلام يرجح أنها آية واحدة جاءت للفصل بين السور, فعلى هذا الإسرار بها أفضل, إن جهر بها أحياناً فلا بأس حينئذ.
[قراءة الفاتحة:]
ثم بعد ذلك يقرأ الفاتحة، والفاتحة ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها, في حديث عبادة بن الصامت:((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) فدل على أنها لا بد منها فهي ركن من أركان الصلاة, لكن تلزم من؟