الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
[حكم الإيمان بوجود الملائكة:]
فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وفي صحيح مسلم من حديث عمر -رضي الله تعالى عنهما- أنهم كانوا جلوساً عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ دخل عليهم رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، يقول: ولا يعرفه منا أحد، فجلس إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع يديه على فخذيه، فسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن مقامات الدين التي هي الإسلام والإيمان والإحسان، فسأله عن الإسلام ففسره بأركانه الخمسة التي هي الشهادتان، والصلاة، والزكاة والصيام، والحج، ثم سأله عن الإيمان ففسره بأركانه الستة أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، ثم سأله عن الإحسان فقال:((أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)).
في هذا الحديث دلالة قولية وفعلية، قولية وفعلية على الملائكة، والذي جاء واحد منهم، بل هو أشرفهم وأكرمهم وهو جبريل -عليه السلام-؛ لقوله في الحديث: فلبثنا ملياً، قالوا: لا يعرفه منا أحد، فلبثنا ملياً، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أتدرون من السائل؟ )) قلنا: الله ورسوله أعلم، قال:((هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)) مجيئه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه الدلالة الفعلية على وجود الملائكة، وأن جبريل واحد منهم، وفي جوابه عن الإيمان بالركن الثاني من أركانه الإيمان بالملائكة، والإيمان بالملائكة ركن من أركان الإيمان إجماعاً.
من أنكرهم، أو شك في وجودهم كفر إجماعاً، كفر بالإجماع، وكان الكفار يثبتون وجود الملائكة، لكنهم ضلوا من ناحية أخرى وهي اعتقادهم أو قولهم بأنهم بنات الله، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.