الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
ففي اللقاء السابق تحدثنا عن فضل العلم، وأهميته في حياة المسلمين، وما جاء من النصوص في فضل العلماء، وشدة الحاجة إليهم، وأنه لا يستغني عنهم إلا من استغنى عن الدين، لا يستغني عن العلماء إلا من استغنى عن الدين.
فكما أنه لا يستغني عن المُزارع إلا من استغنى عن الدنيا، فكذلك لا يستغني عن العلماء إلا من استغنى عن الدين.
وبيان ذلك أننا لو افترضنا بلداً لا عالم فيه يفتي الناس، ويعلمهم ما يجب إليه عليهم، ويبين لهم ما نزل إليهم ولا يقضي بينهم، ويحل مشاكلهم وخصوماتهم، لما وجد الفرق بين المجتمع المسلم وغيره.
والعلماء مثلوا بالمصابيح، وأبو بكر الآجري في أخلاق العلماء صور ذلك تصويراً دقيقاً بليغاً، بحيث لو وجد جمع من الناس يسيرون في ليلة شديدة الظلام في وادٍ مسبع، فيه سباع وهوام، والظلام شديد، فلا يدري الإنسان من أين يؤتى؟ أيؤتى من تحته أم من بين يديه؟ أم من خلفه؟ فهذه حية تنهشه، وهذا سبع يقضمه، ثم جاءهم من معه مصباح أضاء لهم الطريق حتى أخرجهم من هذا الوادي، وهذا مثل العالم الذي يبين للناس كيف يسيرون إلى الله -جل وعلا-؟.
كل طريق يمكن قطعه بدون دليل وإن احتفت به المخاطر إلا هذا الطريق الموصل إلى الله -جل وعلا-، فلا يمكن قطعه إلا بواسطة أهل العلم.