والشيطان ينبغي للإنسان أن يكثر من الاستعاذة منه, وأن يكثر الذكر وتلاوة القرآن, وأن يعتصم ويلجأ إلى الله -جل وعلا- أن يعصمه منه، وإلا هذه وظيفته, {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [(٨٢) سورة ص]. فإذا أُذِّنَ للصلاة هرب ولى أدبر وله ضراط, وله حصاص, ثم إذا فرغ الأذان, جاء ليوسوس, فإذا ثُوِّبَ للصلاة وأقيمت الصلاة هرب, ثم إذا انتهت الإقامة رجع ليوسوس للمصلين اذكر كذا اذكر كذا اذكر كذا, إلى أن يخرج الإنسان من صلاته وليس معه من أجرها شيء، هذا الذي يريد, يريد أن يكثر السواد معه, وهذه وظيفته.
فعلينا أن ننتبه لهذا الأمر ونحتاط له؛ لأن الإنسان قد يؤتى من شدة الحرص مع الجهل فيزيد على المشروع فيُبتلى، كان دأبه -عليه الصلاة والسلام- في إحرامه لصلاته أن يقول: الله أكبر، بهذا اللفظ لا غير, فلا يتم الدخول في الصلاة إلا بهذا اللفظ (الله أكبر) فلا يجزئ (الله الأعز) , أو (الله الأكرم) , أو (الله الكبير) كما يقول بعض أهل العلم، لا يجزئ هذا، لا يجزئ إلا هذا اللفظ حيث لم ينقل غيره عن النبي -عليه الصلاة والسلام-, فلا يجزئ غيره، وهذه تكبيرة الإحرام وعرفنا أنها ركن لا تصح الصلاة بدونها.
[مواضع رفع اليدين في الصلاة:]
وكان -عليه الصلاة والسلام- يرفع يديه إذا كبر للإحرام حذو منكبيه, كما في حديث أبي حميد وابن عمر وغيرهما، حذو منكبيه مقابل منكبيه، والمنكب هو مجتمع رأس العضد مع الكتف، وقال وائل بن حجر: إلى حيال أذنيه، وقال البراء: قريباً من أذنيه، وجاء في بعض الألفاظ: إلى فروع أذنيه، المقصود أنه يرفع يديه مع تكبيرة الإحرام, لكن إلى أي حد؟ منهم من قال: هذا تنوع, أحياناً يرفع إلى منكبيه, وأحياناً يرفع إلى أذنيه, وهكذا، ومنهم من قال: الجمع ممكن بأن تُجعَل ظهور الكفين حيال وحذو المنكبين, وأطراف الأصابع إلى فروع الأذنين, وقد دل على هذا الجمع حديث وائل بن حجر عند أبي داود.