الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،
أما بعد:
فالواضح من عنوان الدرس أن المراد والمقصود به الحديث عن العلم، وأهل العلم وطلب العلم وكتب العلم بدءاً من الوحيين وما يخدمهما، لكن قبل ذلك نبدأ بمقدمة تتعلق بالميراث، وما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أن الأنبياء لا يورثون ((لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)) هذا المقصود من الدرس هو ما أشير إليه في هذا الحديث، ويرد عليه سؤال نبي الله زكريا -عليه السلام- من قوله:{وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي .... فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي} [(٥ - ٦) سورة مريم] ما المراد بالإرث هنا؟ هل هو الإرث المشار إليه بقوله -عليه الصلاة والسلام- ((إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة)) فنحتاج إلى التوفيق بين الآية والحديث؟ أو أن المراد به إرث النبوة والعلم على ما قاله جماهير أهل العلم؟ فنذكر ما ذكره البخاري، وما قاله بعض الشراح، وبعض الحديث مما نقلته عن البخاري في صميم الموضوع، وبعضه مما يضطر إليه، ويحتاج إليه طالب العلم، وننقل من كلام أهل العلم ما يبين مراد البخاري -رحمه الله تعالى- ثم ننقل من التفاسير ما قاله أهل العلم في مراد زكريا في قوله:{يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} [(٦) سورة مريم] ثم نختم بكلام حاسم للإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى- في (مفتاح دار السعادة) ثم بعد ذلك الكلام الذي تكرر كثيراً عن العلم وأهل العلم، وطلاب العلم، وكتب العلم، وهذا فيه -ولله الحمد- عنا وعن غيرنا أشرطة كثيرة في هذا الموضوع، في كيفية التحصيل، وفي ما يعين عليه، وفي عوائقه.
على كل حال نبدأ بما أشرنا إليه سابقاً.
فبدءاً بكلام الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- لنفاسته ويكون مدخلاً لما نريد.