الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
[حكم صيام رمضان:]
فإن الصيام عبادة من أعظم العبادات، وفريضة من أوجب الفرائض، بل ركن من أركان الإسلام إجماعاً، من جحد وجوبه كفر اتفاقاً، ومن اعترف بوجوبه –أعني صيام شهر رمضان– لكنه لم يصم كسلاً وتفريطاً فقد قيل بكفره في رواية في مذهب الإمام أحمد، وقول معروف عند بعض أصحاب مالك -رحم الله الجميع-.
وهو قول مشهور ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في رواية عن الإمام أحمد في كفر تارك الأركان العملية، أما من لم يتلفظ بالشهادتين فليس بمسلم، ولم يدخل في الإسلام أصلاً؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله)).
وأما بالنسبة للصلاة التي هي ثانية أركان الإسلام فالقول بكفره كفراً أكبر مخرجاً عن الملة منقول عن سلف هذه الأمة وأئمتها، والنصوص في ذلك صحيحة وصريحة ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) ((بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)).
والخلاف في هذه المسألة معروف عند أهل العلم، لكن المفتى به والمرجح أنه يكفر، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وليس في تكفيره معارضة لقول الله -جل وعلا-: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(٤٨) سورة النساء] لأن ترك الصلاة كفر أو شرك داخلة في الآية ((بين العبد وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة)) فإذا ترك الصلاة فقد كفر أو أشرك، فهو داخل في الآية.
وأما الاستدلال بالآية على عدم كفره مع في الحديث الصحيح:((بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) فترك الصلاة شرك، قد يقول قائل: أن مثل هذا لا ينطبق عليه تعريف الشرك الذي يذكره أهل العلم، لكن النص دل على أنه شرك، وليس لأحد كلام مع كلامه -عليه الصلاة والسلام-.
وجمع من أهل العلم يرون أن كفره لا يخرج عن الملة، وإن كان المنقول عن الصحابة أنهم لا يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة.