الحمد لله رب العالمين، وصلي الله وسلم علي عبده ورسوله، نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وبعد شكر الله -جل وعلا- علي نعمه التي لا تعد ولا تحصى، الشكر موصول علي القائمين علي هذه الدورات، التي نسأل الله -جل وعلا- أن يثيبهم، ولا يحرمهم أجرها وأجر من عمل بها, فهم المفاتيح, مفاتيح هذا الخير، على أنهم لما كلموني في هذا الموضوع ليكون كالخاتمة لهذه الدورة اعتذرت, اعتذرت عن قبول الدعوة لا زهد في الأجر ولا رغبة عن نفع الإخوان؛ لكن لمخالفة الخُبر الخَبر, فالهمة وموضوعها يحتاج أن يتحدث به أو فيه من اتصف بها, اعتذرت وما قبلوا، وقلت بعد ذلك: لعلي أن أجد في مقرؤاتي من الأمثلة ما يبعث على الهمة، وإلا فالإخوة اغتروا، وكيف يؤتى ببخيل يتحدث عن الكرم، وبجبان يتحدث عن الشجاعة؟ أقول: الإخوان استسمنوا ذا ورم، وقبلهم من الشباب لكن نعذرهم لصغر أسنانهم وقلة خبراتهم وتجاربهم، ومنهم من جاء يسألني هل صحيح أنك قرأت فتح الباري سبعين مرة؟ قلت: فتح الباري يحتاج لقرأته سبعين مرة إلي مائة وأربعين سنة؛ لأن كل مرة بسنتين، يحتاج إلى سنتين، الإخوان يحسنون الظن، وأرجو أن أكون عند ذلك.
هذا الموضوع يحتاج إلى أن يتحدث فيه من عمر وقته بالعلم والعمل وصان أيامه ولياليه عن القيل والقال وقد ضربنا في هذا الباب -الذي هو التضييع والتفريط- ما نرجو أن يغفره الله لنا، ويتجاوز عنا وعنكم، هذا الموضوع بعد أن نعرف الهمة والهم من كلام أئمة اللغة وغيرهم، نتحدث عن بعض الأمثلة التي ضربها سلفنا الصالح في هذا الباب.