للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت قراءته -عليه الصلاة والسلام- مداً, يمد القراءة, يقف عند كل آية, ففي البخاري عن قتادة قال: سُئِلَ أنس -رضي الله عنه- قال: كيف كانت قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: كانت مداً, ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم, يمد بـ (بسم الله) ويمد بـ (الرحمن) ويمد بـ (الرحيم).

هذه قراءته -عليه الصلاة والسلام- المد, لكن يمد المد المعتدل؛ لأن بعض الناس يبالغ في المد, فيخرج القراءة عن حقيقتها, ويترتب على قراءته زيادة حروف, فالقراءة في الصلاة لا سيما الفاتحة التي هي ركن من أركانها لا بد أن يتقنها المسلم, فلو أخل بشيء منها ولو بشدة, ولو بحرف من حروفها, خطر على الصلاة تبطل, إذا لحن فيها لحناً يحيل المعنى بطلت الصلاة, فيُعنَى المسلم بالفاتحة؛ لأنها لا تصح الصلاة إلا بها.

[التأمين:]

فإذا فرغ من الفاتحة قال: (آمين) يجهر بها إذا جهر بالقراءة, ويجهر بها من خلفه, يجهر بها الإمام والمأموم في الصلاة الجهرية, جاء ذلك في حديث أبي هريرة عند الدارقطني والحاكم وصححه, ولأبي داود والترمذي من حديث وائل بن حجر نحوه, وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا, فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)).

وجاء في الحديث الصحيح: ((إذا كبر فكبروا, وإذا ركع فاركعوا)) وهنا: ((إذا أمن فأمنوا)) الفاء هذه: ((إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)) يعني إذا كبر يعني للإحرام أو غيره فكبروا، إذا أمن فأمنوا، إذا ركع فاركعوا، إذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، ترتيب أعمال المأموم على ترتيب الإمام بالفاء ماذا يقتضي؟ يقتضي إيش؟ التعقيب, بأن تكون أعمال المأموم عقب أعمال إمامه, من غير مَهْلة, من غير تراخٍ؛ لأنها عُطِفت بالفاء, والفاء مع اقتضائها الترتيب, تقتضي التعقيب.

فنأتي إلى الأفعال؛ الفعل الماضي الأصل فيه أن الحدث انتهى، ما دل على حدثٍ في زمن مضى, يعني هل تستطيع أن تقول: جاء زيد, وهو ما بعد جاء؟ لا تستطيع.