الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
فالتنوع في الإلقاء والاستماع مطلوب؛ لأنه ينشط السامع، ويلبي حاجته، وهناك لقاءات كثيرة في صميم العلم ومتينه في شرح الكتب والمتون وما يحتاج إلى شرحه، وهناك أيضاً لقاءات في المنهجية في طلب العلم، وهذه طرقت كثيراً، وهناك أيضاً لقاءات في الآداب والآفات التي يحتاج إليها أو يحتاج إلى التنبيه منها والتنفير عنها التي تعترضه في طريقه الذي هو الدرب المحمود طلب العلم، ومن أنواع هذه اللقاءات ما يكون على طريقة السؤال والجواب، وهذا أيضاً له دليله من الشرع، وله أصلٌ أصيل حتى لو ألفت على طريقة السؤال والجواب لنفعت، وانتفاع الناس بالفتاوى قد يكون أنفع لهم من انتفاعهم بما يُقرأ من الكلام المرسل الذي بعضه قد يلامس حاجة القارئ، وبعضه قد يكون بعيداً عن حاجته، ولذا ينتفع الناس بالفتاوى، ويحرصون عليها، ونوصي طلاب العلم كثيراً بالعناية بها، لا سيما الفتاوى من العلماء الربانيين المعاصرين الذين تقرب حوائج القراء من حوائج السائلين.
وعلى هذا حصل الاتفاق على أن يكون هذا اللقاء على طريقة السؤال والجواب، وأما التأصيل لهذا النوع من اللقاء بين الإخوة، فأصله حديث جبريل، حديث أبي هريرة في الصحيحين، وحديث عمر في مسلم، أن جبريل جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، كما في الحديث المشهور، وسأله عن الدين، سأله عن الإيمان، سأله عن الإسلام، سأله عن الإحسان، يعني بالإمكان أن يلقي النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه المعلومات دون سؤال كعادته -عليه الصلاة والسلام-، لكن العلم حينما يلقى على طريقة السؤال والجواب لا شك أنه يرسخ في ذهن السامع، وفي النهاية قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم)) فهذا تعليم ونوع من التعليم، والتربويون يحرصون على مثل هذا النوع وهذه الطريقة في الطرح والإلقاء، طريقة الحوار، السؤال والجواب، ولا شك أنها طريقة نافعة ولها أصلها الشرعي.