إذا عرفنا هذا فالزكاة تجب بشروط: منها الإسلام: كما جاء في حديث معاذ حينما بعثه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى اليمن:((إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم أن الله تعالى قد افترض عليهم خمس صلوات، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) إذا أقروا بالشهادتين، وأدوا الصلاة، يعلمهم أن الله -جل وعلا- قد افترض عليهم الزكاة، تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء، فلا تؤخذ الزكاة ممن لم يشهد أن لا إله إلا الله، كما أنها لا تصح ممن لا يصلي، فأول ما يدعى إليه الكافر الشهادة، فإن نطق بها أمر بالصلاة، ثم يؤمر بالزكاة، ثم يؤمر ببقية شرائع الإسلام.
[الكفار مخاطبون بفروع الشريعة:]
كون الكافر لا يطالب بالصلاة ولا بالزكاة إلا إذا شهد واعترف بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ هذا لا يعني أنه غير مطالب بفروع الشريعة، نعم قد يستدل به من يقول: أن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة، قد يستدلون بهذا الحديث وعندهم ما يتمسكون به؛ لكن ليس في هذا دليل، هم يقولون: كيف يطالب بالصلاة ويخاطب بها ويخاطب بالزكاة ويخاطب بالصيام، وهو لا يشهد أن لا إله إلا الله؟ نقول: ليس معنى مخاطبته بالصلاة أو بالزكاة أو بالصيام أو بغيرها من شرائع الإسلام أنه يؤمر بأدائها قبل أن يسلم؟ لا، ولا أنه يقضيها إذا أسلم، إذاً ما الفائدة في كونه مخاطب بالفروع، وهو لا يطالب بها قبل إسلامه ولا يقضيها إذا أسلم؟ معنى مخاطبته بهذه الفروع أنه يزاد في عذابه يوم القيامة، ويعذب على الصلاة، ويعذب على الزكاة إذا كان عنده مال، يعذب على ترك الصيام وهكذا، إضافة إلى تعذيبه على كفره بالله -جل وعلا-، {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [(٤٢ - ٤٣) سورة المدثر] فبدؤوا بفرع من الفروع، فدل على أنهم مخاطبون بفروع الشريعة كأصلها.