والذين يقولون: أنه غير مخاطب بالفروع كالحنفية يقولون: أن الإيمان شرط، شرط صحة، فكيف يخاطب بالأمر الذي لم يتحقق شرطه؟ نقول: كما يطالب الشخص بالصلاة، ولو لم نعلم أنه غير متوضيء، يعني الإنسان في طريقه إلى المسجد يرى شخصاً واقفاً أو جالساً يقول له: صل، لماذا لا تصلي؟ لا يسأله عن الوضوء أولاً، يقول: توضأ أولاً، أو هل أنت متوضئ أو لا؟ يسأله عن الغاية ولو تخلف الشرط؛ لأنه إذا أمر بالصلاة فقد أمر بجميع ما اشترط لها.
الشرط الأول: الإسلام، كما في الحديث الذي ذكرناه، ((تؤخذ من أغنيائهم)) يعني: من أغنياء المسلمين فترد في فقرائهم، وهذه جملة يستدل بها من يقول أن الزكاة لا يجوز نقلها عن البلد الذي فيه المال، فبلد الأغنياء هو الذي تصرف فيه زكاتهم إلى فقراء هذا البلد، فلا يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد، استدلالاً بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) تؤخذ من أغنياء هذا البلد، وترد في فقرائه، وهذا قول معروف عند أهل العلم، ومنهم من يرى جواز نقل الزكاة إلى بلد آخر ما دام الشرط متحققاً، وهي صرفها في مستحقها من المسلمين أو في المصارف الثمانية التي بينها الله -جل وعلا-، ويكون الضمير في أغنيائهم وفقرائهم تؤخذ من أغنياء المسلمين فترد في فقراء المسلمين، يعني في أي بلد كان، ويكون نقل الزكاة جائزاً، بل قد يكون أفضل، إذا وجد من هو أشد حاجة لهذه الزكاة من فقراء البلد.
وعلى كل حال أولى الناس بالزكاة أهل البلد، فإذا وجد من هم أشد حاجة وأمس حاجة، أو أقرب إلى الدافع من قرابته في بلد آخر فلا مانع حينئذ من نقلها إلى البلد الآخر -إن شاء الله تعالى-.
الشرط الثاني: الحرية: فلا زكاة في مال الرقيق، أولاً: لأنه لا يملك عند جمهور العلماء، لا يملك لأنه هو وما تحت يده ملك لسيده، وإذا قيل: بأنه يملك بالتمليك كما هو قول مالك -رحمه الله- فالخلاف في الزكاة هل هي عليه؟ أو على سيده؟ أو لا زكاة في ماله؟ كما أنه لا زكاة في رقبته إذا لم يعد للتجارة؟.