الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
[مقدمة عن مكانة الصلاة:]
فإن الدين الحنيف الذي نتشرف بالانتساب إليه مبني على دعائم وقواعد وثوابت لا محيد عنها ولا مندوحة منها, جاء في الحديث الصحيح من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)) وفي رواية: ((صوم رمضان والحج)).
فبالنسبة للركن الأول الشهادتان, لا يتم الدخول في هذا الدين إلا بعد النطق بهما ((أُمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) فإذا تم ذلك فلا بد من إقامة هذه الدعائم الأربع العملية، فإذا كان لا يدخل في الدين إلا إذا نطق بالشهادة, فالركن الذي يليها هو الصلاة, والصلاة جاء في أمرها ما جاء, وجاء تعظيم شأنها في النصوص الكثيرة الصحيحة الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-. ((بين المرء وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) وقال: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) وجاء عن عبد الله بن شقيق أنهم كانوا -يعني الصحابة- لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة.
أما بقية الأركان كالزكاة والحج والصوم فتكفير تاركها أمر مختلف فيه بين أهل العلم, والقول بكفر تارك أحد الأركان قول عند العلم، وهو رواية في مذهب الإمام أحمد, لكن المرجح أنه لا يكفر, لكنه انتهك أمراً عظيماً وركب خطراً جسيماً, يُخشَى عليه من الكفر إذا ترك أحد الأركان.
أما الصلاة فسمعنا ما قاله عبد الله بن شقيق, وسمعنا ما ورد عنه -عليه الصلاة والسلام-, ولذا المفتى به أن تارك الصلاة ولو أقر بوجوبها أنه كافر -نسأل الله السلامة والعافية-, والكلام في هذا أمر معروف.