الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد:
ففي هذا اللقاء المبارك الذي رتبه الإخوة -جزاهم الله خيراً- في هذا الظرف الذي تعيشه الأمة مع الاضطراب الحاصل لدى كثير من طلاب العلم، كثيرٌ منهم ضاقت بهم الأرض ذرعاً، وظنوا أن الخير قد انقطع، والأمر على خلاف ذلك، وديننا -ولله الحمد- دين الخلود والبقاء إلى قيام الساعة، مضمون له البقاء إلى قيام الساعة، وأبواب الخير مفتوحة ومشرعة، وسنة المدافعة باقية إلى قيام الساعة، وما يغلق باب في وجه مسلم إلا ويفتح الله له أبواب وآفاق من أعمال الخير التي توصله إلى مرضات الله سبحانه وتعالى.
الفتن التي تعيشها الأمة والتي أخبر بها النبي -عليه الصلاة والسلام- وأنه يوشك أن تظل فتن كقطع الليل المظلم، يوشك أن تظلنا فتن كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- كقطع الليل المظلم، وقال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث المخرج في البخاري وغيره:((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنمٌ يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن)).
وقال -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث المخرج في السنن والمسند أنه في آخر الزمان أيام تسمى أيام الصبر، والقابض فيها على دينه كالقابض على الجمر، وأجر العامل فيها كأجر خمسين رجل، قالوا: منهم يا رسول الله أو منا، قال: منكم.
هذه مع كونها تخبر عن واقعٍ مُرّ إلا أنها تشرح صدر المسلم للعمل والمدافعة أجر خمسين من الصحابة في آخر الزمان عند فساد الناس، أجر خمسين من الصحابة هذا ليس بالسهل ولا بالهين، ويأتي ذكره، والمراد به - إن شاء الله تعالى -.
فالفتن التي نتحدث عنها، بل قبل ذلك في العنوان العبادة، العبادة في زمن الفتنة، أو في زمان الفتن.
الله -جل وعلا- قد خلق الثقلين الجن والإنس لتحقيق هذا الأمر الذي هو العبادة والعبودية، كما قال الله -جل وعلا-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(٥٦) سورة الذاريات]، فالعبادة هي الهدف من خلق الجن والإنس.