يعني هذا صارت نظام، نظام في الجهات الرسمية حينما تريد عمل من الأعمال، هات تزكيات من أهل العلم، فيذهب لفلان وفلان وفلان من أجل أن يزكوه ويمدحوه ويثنوا عليه، هل هذا من المنهي عنه؟ لأنه قد يوجد من يتورع عن مثل هذا ويفوز بالأعمال المهمة، والتمكين من الدراسة، الدراسة العالية لا بد فيها من التزكيات، هل نقول: إن هذا صاحب التحري وصاحب الورع والتثبت الذي لا يريد التزكية المنهي عنها هل نقول له: عليك أن تكف عن مثل هذا، وإن فاز بها غيرك؟ أو نقول لمثل هذا: أمر مطلوب شرعاً في مواصلة العلم والتعليم، مطلوب شرعاً، وما لا يتم إلا به فحكمه حكمه، لا شك أن هذه من المضايق؛ لأن الإنسان وهو يسعى جاهداً إلى مثل هذا في باله شيء أو أشياء، وفيها الراجح وفيها المرجوح، نعم إن رجح في ذهنه التمكين من التعليم؛ لأن التعليم العالي يحتاج إلى شهادات، فإن رجح في ذهنه التمكين من التعليم وأنه لا يتمكن إلا بهذه الشهادة المتطلبة لهذه التزكيات، فهذه أمور مغتفرة في سبيل الهدف النبيل هذا الذي يرمي إليه، وإن كان جال في ذهنه أشياء، أنه كلما أخذ من شهادة زاد راتبه مثلاً، مع تمكينه من التعليم ومع أمور تحتف بذلك فليكف؛ لأن ما عند الله لا ينال بسخطه، هذا العلم مما عند الله، وما يبتغى به وجه الله، لا ينال بمثل هذه الأمور، ومع الأسف أنها صارت مشكلة الآن، وإلا لو أن التزكية مطلوبة؛ لأن بعض الناس مجاهيل ما يدرى عنهم، ما يدرى عن حقيقتهم، فلا بد من تزكيتهم، لكن المعروف طلب التزكية منه غير وجيه.
يقول: هل يشترط احتساب النية في نفقة الرجل على أهله حتى يكتب له الأجر؟
النية لا بد منها ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) فلا بد من النية، وكم من أجور عظيمة تفوت كثير من الناس لغفلتهم، وعزوف النية عن أذهانهم، تجده في نهاية كل شهر يذهب إلى المحلات التجارية والمواد الغذائية، ويجلب المصروف لزوجته وأولاده وبناته، وهو لا يستحضر شيئاً، مع أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: أنه يؤجر على كل شيء، حتى ما يضعه في في امرأته، يحتسب الأجر من الله -جل وعلا-، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.