للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله وتعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(٥٦) سورة الذاريات]، أي: إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي، لا لاحتياجي إليهم، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} أي: ليقروا بعبادتي طوعاً أو كرهاً، وهذا اختيار ابن جرير، وقال ابن جريج: إلا ليعرفون، وقال الربيع بن أنس: {إلا ليعبدون} أي: إلا للعبادة.

والمراد بالعبادة كما قال شيخ الإسلام: "اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة".

فتشمل جميع أبواب الدين، فالإنسان يتعبد إلى الله -جل وعلا- بتوحيده، والإخلاص له، ويتعبد له بالإيمان به بشروطه، يتعبد لله -جل وعلا- بالصلاة، فرضها ونفلها، يتعبد للمولى -جل وعلا- بالزكاة، والصدقات، يتعبد له بالصيام الذي هو سرٌ بين العبد وبين ربه، ويتعبد لله -جل وعلا- بزيارة بيته الحرام، وبالجهاد في سبيله وإعلاء كلمته، ويتعبد له في معاملاته، في المعاملات وإن كانت من أجل الكسب الذي ظاهره المادة المحضة، إلا أنه في الوقت نفسه بإمكان المسلم أن يجعله عبادة لله -جل وعلا-، إذا نوى به أن يتقوى به على ما يقربه إلى الله -جل وعلا- يتعبد إلى الله ويتقرب إليه بتناول الملذات والشهوات كالنكاح الذي شرعه الله -جل وعلا- وأخبر أنه يؤجر عليه، "أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر؟ " قال: ((نعم، أرأيتم لو وضعها في حرام أيكون عليه وزر؟ )) قالوا: نعم، فيأتي شهوته ويكون له أجر، هذا من فضل الله -جل وعلا-.

يتعبد لله -جل وعلا- بجميع أبواب الدين، فالعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله -جل وعلا- ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.