ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا))، وفي لفظ عند مسلم أيضاً:((إذا دخل العشر وعنده أضحية يريد أن يضحي فلا يأخذن شعراً ولا يقلمن ظفراً))، وفي لفظ له عنها:((إذا أراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره)).
ووجه الاستدلال أن الأضحية موكولة إلى إرادة المضحي، ولو كانت واجبة لما كانت كذلك، قال النووي: قال الشافعي: "هذا دليل على أن التضحية ليست بواجبة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((وأراد)) فجعله مفوضاً إلى إرادته، ولو كانت واجبة لقال: فلا يمس من شعره حتى يضحي".
الآن الاستدلال سياق الخبر هل هو لبيان حكم الأضحية، أو لبيان المنع من مس الشعر والبشر لمن أراد أن يضحي؟
يعني دلالته الأصلية نعم في حكم الأخذ من الشعر والبشرة لمن أراد أن يضحي، نعم فيه دلالة تبعية وليست أصلية، أن الأمر وكل إلى إرادة المضحي، ولا شك أن الدلالة التبعية معتبرة، إلا إذا عورضت بما هو أقوى منها؛ لأن الخبر إنما سيق من أجل منع من أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره وبشرته شيئاً، ولم يسق لبيان حكم الأضحية، فدلالته الأصلية في حكم أخذ الشعر لمن أراد أن يضحي، ودلالته التبعية يعني لو لم يوجد معارض قلنا، على أنه يمكن أن يقال بمثل هذا السياق حتى في الأركان، نعم، من أراد أن يحج فليحتط لنفسه باللباس -مثلاً- لأن الوقت شتاء مثلاً، من أراد أن يحج فليحتط لنفسه باللباس، يعني يأخذ فروة يأخذ بطانية يأخذ شيئاً يتقي به من شر البرد، هل هذا يدل على عدم وجوب الحج؟ يعني الكلام سيق لبيان حكم الحج؟ إنما سيق للاحتياط، كما أن الحديث الذي معنا ((من أراد أن يضحي)) نعم سياقه للمنع من أخذ البشرة، ولذا الدلالة الأصلية ما سيقت من أجل حكم الأضحية.