يقول:"الظاهر أن التصرف من الرواة؛ لأنه ثبت في الحديث ذكر النحر فحمله بعضهم على الأضحية؛ فإن رواية أبي هريرة صريحة في أن ذلك كان عمن اعتمر من نسائه، فقويت رواية من رواه بلفظ: " أهدى" وتبين أنه هدي التمتع؛ فليس فيه حجة على مالك في قوله: لا ضحايا على أهل منى، وتبين توجيه الاستدلال به على جواز الاشتراك في الهدي والأضحية والله أعلم.
إذا عرف هذا فليس في الحديث ما ينفي التضحية، يعني لا نقول أنه قطعي في حكم التضحية لقوله: "ضحى عن نسائه بالبقر"؛ لاحتمال أن يكون أطلق ضحى وأراد أهدى، لا سيما وقد جاء في بعض الألفاظ: "أهدى عن نسائه بالبقر"، لكن ليس فيه تعرض لنفي الأضحية؛ الأضحية ثبتت بأدلة أخرى، وكونه -عليه الصلاة والسلام- أهدى عن نسائه البقر، لا يعني أنه لم يضحِّ عنهن، إذا عرف هذا فليس في الحديث ما ينفي التضحية لعدم ذكرها، فتبقى على حكمها المبين في نصوص أخرى كما قال الجمهور.
في قواعد ابن رجب في من فروع قاعدة:(إذا اجتمعت عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مفعولة على جهة القضاء، ولا على طريق التبعية للأخرى في الوقت، تداخلت أفعالهما، واكتُفى فيهما بفعل واحد وهو على ضربين).
إذا اجتمعت عبادتان من جنس واحد: ليست إحداهما مقضية يعني والأخرى مؤداة، وليست إحداهما تفعل على طريق التبعية للأخرى، تداخلت أفعالهما، واكتفى فيهما بفعل واحد وهو على ضربين: -
أحدهما: أن يحصل له بالفعل الواحد العبادتان جميعًا، بشرط أن ينويهما على المشهور.
الثاني: أن يحصل له أحدى العبادتين، وتسقط عنه الأخرى، ولذلك أمثلة: فذكر منها:
إذا اجتمع عقيقة وأضحية فهل تجزئ الأضحية عن العقيقة أم لا؟
هذا المولود ولد في اليوم الرابع يوم العيد يوم السابع، وأراد أن يذبح العقيقة ونواها عقيقة وأضحية، تجزئ وإلا ما تجزئ؟
عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مقضية؛ كلها في الوقت، وليست هذه مشروعة على سبيل التبعية للأخرى، وليست تابعة لشيء آخر، تتداخل؛ مقتضى القاعدة أنها تتداخل.
إذا اجتمع عقيقة وأضحية فهل تجزئ الأضحية عن العقيقة أم لا؟.