أهل العلم يقولون: من فوائد المستخرجات ورود ألفاظ زائدة في المستخرجات لا توجد في الأصل، هذه من فوائد المستخرجات؛ لأنها تزيد ألفاظ وجمل، فهل نقول: إن هذه الزيادة مقبولة وتضم إلى ما في الأصل أو نقول: إن الأصل كلمة واحدة في سياق واحد، فإما سمينين أو ثمينين؟ في الأصل سمينين، لو جاء في المستخرج سمينين ثمينين، قلنا: زيادة؛ لكنها جاءت بدل من اللفظ الأصلي، فتقبل مثل هذه، أو نرجح بين اللفظين؟ أو نقول: لعله ثبت اللفظان، وبعض الروات حفظ لفظاً، وبعضهم حفظ لفظاً آخر، فنجمع بينهما، نلفق من الروايتين سياقاً واحداً، ونطلب من الأضحية أن تكون سمينة ثمينة في الوقت نفسه؟ وعلى هذا لو كانت ثمينة فقط ليست بسمينة لا تكون فاضلة، أو العكس لو كانت سمينة وليست ثمينة لا تكون فاضلة حتى تكون سمينة ثمينة، وعلى رواية مسلم يكفينا أن نتوخى السمينة، ولو كانت رخيصة، وعلى رواية المستخرج نتوخى الثمينة ولو كانت غير سمينة، ولا شك أن كونها سمينة أنفع للفقراء، وكونها ثمينة تدل على طيب نفس باذلها، على طيب نفس المضحي، ولذا جاء الأمر بطيب النفس بها، على ما سيأتي، وإن كان فيه كلام.
المقصود أن على الإنسان أن تطيب نفسه بما يبذله لله -جل وعلا-، ولا شك أن هذا من تعظيم شعائر الله، توخي النافع للفقير مع كونه ثميناً يعني ثمنه مرتفعاً، من غير مباهاة؛ لأنه يوجد في الناس مع الأسف الشديد من يباهي، من يشتري خروف مثلاً بألفين، ثم يتحدث به في المجالس، أنا اشتريت خروف بألفين، في المجالس، وهذه المباهاة لا شك أنها تنقص من الأجر إن لم تقضِ عليه.
وقد اشترى شخص قبل عشرين سنة خروفاً بسبعمائة ريال، فلقيه شخص فقال له: ما هذا؟ قال: هذا أضحية للوالد -رحمه الله-، قد اشتريتها بسبعمائة ريال، انظر إلى حجمها، انظر إلى ظهرها، قال: لكن في ذمة أبيك دين لي بمقدار خمسمائة ريال، قال: الحقه ما عندي لك شيء، أيهما أهم إبراء ذمته أو التضحية له بهذه الأضحية؟