{فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} [(٩، ١٠) سورة القارعة] أيضاً هذا أسلوب تهويل لهذه النار، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} [(١٠) سورة القارعة] الأصل (ما هي) وما أدراك ما هي، يعني النار، والهاء هذه هي هاء السكت، كما في قوله -جل وعلا-: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ} [(٢٨، ٢٩) سورة الحاقة] يعني ما أغنى عني مالي، وهلك عني سلطاني، لكن هذه الهاء تسمى عند أهل العلم هاء السكت، وهي ثابتةٌ في الوقف والوصل، ومنهم من يحذفها في الوصل، لكن القراءة إنما ثبتت بإثباتها، فسواءٌ قرئت وقفاً أو أصلاً فهي ثابتة.
فعلى المسلم أن يتأمل مثل هذه الآيات، وهذه السور القصيرة فيها العجائب، لا سيما السور المكية التي فيها هذه الأهوال، السور النبوية فيها شيء مما ذكر مما يوعظ به، ويذكر به، لكن الغالب فيها بيان الأحكام والشرائع، أما السور المكية فعلى قصرها ففيها ما يسوط القلوب، ويزجر القلوب، ويدفع القلوب إلى العمل، لكن قلب من؟ الله -جل وعلا- يقول:{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [(٤٥) سورة ق] فالذي يخاف الوعيد هو الذي يذكر بالقرآن، أما الذي لا يخاف، ممن مات قلبه نسأل الله السلامة والعافية، مثل هذا يقرأ القرآن، أو يسمع القرآن، أو يسمع جريدة، أو يسمع تحليل صحفي أو غيره لا فرق عنده، والله -جل وعلا- يقول:{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} لكن لمن؟ هل هو للغافل واللاهي والساهي أو كما قال الله -جل وعلا-: {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [(١٧) سورة القمر]؟ يعني هل من متذكر؟ هل من متعظ؟ هل من مزدجر؟ نعم إذا وجد هذا القرآن ميسرٌ عليه، يسرت قراءته، يسر حفظه، يسر فهمه، يسر العمل به، لكن لمن أراد أن يذكر، لمن أراد أن يتذكر بالقرآن، يتعظ بالقرآن يستفيد، أما الذي يقرأ القرآن لا بهذه النية، فإن فائدته وإن استفاد أجر قراءة الحروف فإنه لا يستفيد قلبه شيء من هذه القراءة إلا بقدر ما يعقل منها.
بعض الإخوان يؤثر أن يكون الوقت الأطول للأسئلة، والآن بقي يمكن ربع ساعة للأذان أو أقل؟