جاء شخص يستشيرك في شخص خطب ابنته، فكونك تتكلم فيه بما يكره، أنت تعرف عنه أنه متهاون بالصلاة، ويزاول بعض المحرمات، ذكرك أخاك بهذا لا شك أنه يكرهه، وإذا لم يترتب عليه مصلحة فالأصل التحريم، لكن من باب النصيحة واغتفار المفسدة في مثل هذه الصورة، يبين ما فيه من عيب بقدر الحاجة، فإذا كان القصد النصح للمستشير تغتفر المفسدة.
مثلاً ولي الأمر أراد أن يعين شخص في أمر من أمور المسلمين المهمة، وعرف عن هذا الشخص أنه لا يحسن هذا الأمر، أو يريد أن يستغل هذا الأمر استغلال لا ينفع الأمة، فمن باب النصيحة وإن كان الأصل أن الكلام في هذا الشخص وعرضه مصون، لكن يبقى أن المصالح متفاوتة، وبعض المفاسد تغتفر في سبيل تحصيل المصالح الكبرى، فيشار على ولي الأمر أن مثل هذا الشخص لا يصلح لهذه الوظيفة، إن اكتفى بهذا بها ونعمت لا تجوز الزيادة على هذا، لكن إن لم يكتفِ وطلب الاستفصال يبين له بقدر الحاجة، ولا يكون الهدف تجريح الشخص نفسه، إنما يكون الهدف تخليص الأمة من هذا الشخص الذي يريد أن يستغل مثل هذا المنصب استغلالاً سيئاً، وبعض الناس يلتبس عليه مثل هذا.
فالموضوع في غاية الخطورة، وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار -كما قال ابن دقيق العيد- وقف على شفيرها العلماء والحكام.