أكل الحرام، شرب الحرام، لبس الحرام، التغذية بالحرام، ((ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟! )) استبعاد، كيف يستجاب لمثل هذا؟ الذي يتقلب في الحرام في جميع تصرفاته كيف يستجاب له؟ فصدر الحديث يدل على بذل السبب، سبب القبول وآخر الحديث يدل على أنه لا بد من انتفاء المانع من القبول، ولذا الأسباب وحدها لا تؤتي ثمارها ما لم تكن الموانع منتفية، فلا بد مع توافر الأسباب انتفاء الموانع، فآخر الحديث يشهد لأوله، فالحرص على طيب الكسب وطيب المطعم، وطيب المشرب، وطيب الملبس سبب للقبول، لكن هل يستقل هذا السبب بالقبول، أو لا بد من انتفاء المانع؟
والسبب عند أهل السنة والجماعة جعله الله -جل وعلا- سبباً وجعل فيه تأثير، فالله -جل وعلا- هو المسبب وهو الذي جعل التأثير، ولا يستقل السبب بالتأثير كما تقول المعتزلة: أن السبب يستقل بالتأثير، وليس وجود السبب كعدمه كما تقول الأشعرية، يقولون: أن السبب وجوده مثل عدمه، ولذا يقررون في كتبهم أنه ليس هذا من باب الإلزام، بل صرحوا به، قالوا: أنه يجوز أن يرى الأعمى -وهو في الصين- البقة وهو في الأندلس، صغار البعوض أعمى في الصين في أقصى المشرق، يرى صغار البعوض –البقة- وهي في الأندلس، تراهم يا إخوان أصحاب عقول أصحاب ذكاء، لكن لما بعدوا عن النصوص وخلي بينهم وبين عقولهم أتوا بمثل هذه المضحكات، وإلا أدنى عاقل يقول لك أعمى في الصين يرى بقة في الأندلس؟!