على كل حال الله -جل وعلا- كما في الحديث طيب لا يقبل إلا ما كان طيباً، فعلى الإنسان أن يحرص ألا يدخل في جوفه إلا ما يجزم بحله من جهة، وأن يكتسب المال من حله، وأن ينفقه في وجوهه الشرعية؛ فالشخص المخلط الذي لا يحتاط لنفسه في الكسب سواء كان من أهل المعاملات التجارية الذي ترد الشبهات على عقوده وقد يتجاوزها إلى المحرمات وهو مخلط في كسبه، مثل هذا على خطر من هذا الحديث، وقل مثل هذا في الموظف الأجير الذي لا يؤدي الدوام على الوجه المتفق عليه، كثير من الناس تجده من الأخيار ودائماً يلهج بذكر الله وشكره ودعائه والانكسار بين يديه، لكن ما تجاب دعوته، لكن لا يخطر بباله أنه يأكل الحرام، فالأجير إذا فرط بشيء مما اتفق معه عليه، صار مقابل هذا التفريط غير مباح محرم، نعم هناك أمور جرى العرف على التسامح فيها، يعرف المسئولون أن هذه أمور لا بد أن تقع، ولا يحاسبون عليها؛ لأن الإنسان لا بد أن يحصل له ما يحصل لكن لا يكون عادة وديدن إذا حصل له ذلك يبادر في بذل الأسباب التي تعينه على أداء عمله على أكمل وجه.
المال الذي فيه شبهة، ليس بمحرم صريح، وليس بحلال صحيح، بل هو من الأمور التي بين هذه وهذه من المشتبهات، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: إنه يجوز أن تسدد به الديون، لكن لا يؤكل؛ لأن الأكل وإدخال الجوف ما لا يعلم حله أثره على القلب، ثم بالتالي القلب يؤثر على الجوارح فكأن الشيخ -رحمه الله تعالى- في المال الذي فيه شبهة ليس المال المحرم، الذي فيه شبهة يجيز سداد الديون منه، شخص يأخذ من الصدقات والزكوات ويمر به مسكين هل له أن يتصدق عليه، أو نقول: إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً؟ أهل العلم يقولون: الشيء اليسير الذي يرد به المسكين ولا يؤثر في معيشته ومعيشة من يمون لا يحدث خلل فيه، يقولون: للفقير أن يتصدق به، ويرجى له ثوابه -إن شاء الله تعالى-، وممن نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-.