وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة عن أنس بن مالك قال: لما عرج بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إلى السماء قال: ((أتيت على نهرٍ حافتاه كقباب اللؤلؤ المجوف فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر)) ثم قال ابن كثير: وقد تواترت، قد تواتر هذا الحديث من طرقٍ تفيد القطع عند كثير ٍمن أئمة الحديث، وكذلك أحاديث الحوض، من الأحاديث المتواترة المقطوع بها أحاديث الحوض.
وفي تفسير الرازي: ووجه التوفيق بين القولين، يعني ما جاء من أنه هو نهر وما جاء من تفسيره بالحوض، يقول: ووجه التوفيق بين القولين يعني النهر والحوض أن يقال: لعل النهر يصب في الحوض، أو لعل الأنهار إنما تسيل من ذلك الحوض، فيكون ذلك الحوض كالمنبع لهذه الأنهار.
وفي تفسير القرطبي المسمى بالجامع لأحكام القرآن: يقول -رحمه الله تعالى-: العرب تسمي كل شيءٍ كثير في العدد والقدر والخطر كوثراً، قال سفيان: قيل لعجوزٍ رجع ابنها من السفر بما آب ابنك؟ قالت: بكوثر، أي بمالٍ كثير، والكوثر من الرجال السيد الكثير الخير، ثم قال: واختلف أهل التأويل في الكوثر الذي أعطيه النبي -صلى الله عليه وسلم- على ستة عشر قولاً.
القول الأول: أنه نهر في الجنة، رواه البخاري عن أنس، ورواه الترمذي أيضاً عنه وعن ابن عمر.
الثاني: أنه حوض النبي -عليه الصلاة والسلام- في الموقف، قاله عطاء.
والقول الثالث: أنها النبوة والكتاب، قاله عكرمة.
والرابع: أنه القرآن، قاله الحسن.
والخامس: أنه الإسلام، حكاه بعضهم.
والسادس: أنه تيسير القرآن - {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [(٤٠) سورة القمر] فلا شك أن هذا التيسير نعمة من الله -جل وعلا- يمتن به على عباده- وتخفيف الشرائع قاله: الحسين بن الفضل.
السابع: هو كثرة الأصحاب والأشياء، قاله أبو بكر بن عياش.
والقول الثامن: أنه الإيثار، قال ابن كيسان.
والقول التاسع: أنه رفعة الذكر، حكاه الماوردي.
والقول العاشر: أنه نور في قلب النبي -عليه الصلاة والسلام- فضله على ما سواه.
والحادي عشر: أنه الشفاعة.