يعني من أطلق الصحيح على الكتب الأربعة من السنن تبعاً للصحيحين لا شك أنه تساهل في الصحيح، والحسن والضعيف- يقول: وفي صحيح الترمذي: ((أن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعذابٍ من عنده)).
لكن الأخذ على يد الظالم بحسب القدرة بحسب القدرة وبالوسائل المحققة للمصلحة التي لا يترتب عليها مفسدة، لا بد من مراعاة القواعد العامة في النصيحة وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالنصيحة إذا ترتب عليها معاندة وإصرار من المنصوح وخروجه عن جلباب الحياء، وزيادته في الشر من أجل أنه نصح من قبل فلان أو علان لا بد أن يدرس الأمر بعناية.
وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا خشي أن يترتب عليه منكر أعظم منه فلا شك أن درء المفاسد مقدم على جمع المصالح، ومع ذلك لا بد من الإنكار بالمراتب الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ((من رأى منكم منكراً فليغره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه)) لكن لا بد من التغيير، وأقل المراتب التغيير بالقلب.
وفي صحيح البخاري والترمذي، عن النعمان بن بشير عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قومٍ استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها -استهموا يعني بالقرعة، أنت مكانك فوق وأنت مكانك تحت وهكذا بالقرعة- فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم -فرأوا أن من فوقهم تضايقوا منهم من كثرة المرور عليهم- فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً -بحيث لا نحتاج إلى نمر على من فوقنا- ولم نؤذِ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً)) هذا المثل النبوي مطابق غاية المطابقة لواقع الأمة في هذه السفينة التي تتلاطم الأمواج من حولها، تدفعها يميناً وشمالاً، وأحياناً إلى الأمام وأحياناً إلى الخلف، فإن ترك المفسد يعبث لا شك أنهم يهلكون جميعاً، وإن أخذ على يده وأطر على الحق نجا ونجوا جميعاً، فهذا مثل مطابق.