على كل حال هذا هو القول الفصل في العزلة والخلطة، ونحن نرى من الناس من اعتزل، مع أنه بالإمكان أن ينفع، وينتفع به، يعني من أهل العلم لو خصص من وقته اقتطع من وقته جزءاً لإقراء الناس وتعليمهم العلم لانتفع به خلق مع الوقت، ومن الناس من يخالط وهو مسكين يتأثر، كل يومٍ في نقص ولا يستطيع أن يؤثر في أحد، ومع ذلك علينا أن ننظر إلى هذا الأمر بجد، وكل إنسان يعرف من نفسه ما جبل عليه، وما أوتي من مواهب، فإن كان لديه استطاعة وقدرة في خلطة الناس، ومحاولة الإصلاح والتغيير والتأثير عليهم، مثل هذا لا شك أنه في جهاد، وهذا أفضل من العزلة, أما من لا يستطيع ذلك فالعزلة في حقه مفضلة، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد على آله وصحبه أجمعين.
شكر الله لفضيلة شيخنا الدكتور العلامة: عبد الكريم بن عبد الله الخضير على هذا البيان، ونسأل الله -عز وجل- أن يجعل ذلك في ميزان حسناته، وأن يعصمنا وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
يقول السائل: ما هو توجيهكم للذين فتنوا بالمال، خاصة بعد ظهور المساهمات وما فيها من أمور مشتبهة أو محرمة؟
أقول: هؤلاء الذين آثروا الدنيا على الآخرة، ولا شك أن الدنيا ضرة، ضرة بالنسبة للآخرة، والإيغال فيها مؤثر فيما يقرب إلى الله -جل وعلا- فإن آثر دنياه أضر بآخرته، وإن آثر آخرته لا شك أنه يتضرر في دنياه، لكن قد يوفق لعملٍ لا يحتاج منه إلى جهد، إذا التفت إلى آخرته، والمتاجرة مع ربه، ومن يؤثر هذه الدنيا ويكسب فيها من الحطام ما يكسب، واليوم يكسب وغداً يخسر، وإذا كسب كسب عشرة بالمائة عشرين بالمائة، وهو في أمور الآخرة الحسنة بعشر أمثالها، ألف بالمائة، من يتخيل هذا، يعني في أسبوع وهو مرتاح بعد صلاة الصبح إلى أن تتشرق الشمس يقرأ القرآن ويحصل على ثلاثة ملايين حسنة، على أقل تقدير، إلى أضعاف كثيرة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومثل هذا العمل لا يعوقه عن شيء من أمور دينه ولا دنياه، فإذا انتشرت الشمس صلى ما كتب له ركعتين أو أربع أو ست أو ثمان، يرجع بوافر الأجر والثواب من الله -جل وعلا-.