نقول: صحيح لكن هل تطيق البقاء في النار لحظة؟ وقد فضلت على نارنا بتسعة وستين جزءاً، جزء من سبعين جزء، يعني لو كانت مثل نارنا، وهي واحدة على سبعين من نار جهنم، {نَارًا تَلَظَّى} [(١٤) سورة الليل] {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [(٢٤) سورة البقرة] ويل: وادٍ في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت، هل تستطيع أن تلمس الإنارة هذه؟ فضلاً عن كونك تضع يدك على النار الحقيقية سواءً كانت من حطب أو من غاز أو ما أشبه ذلك، فكيف بالنار التي فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً؟ يعني الذي يقول هذا الكلام عنده تحمل؟ يستطيع؟ وما يدريه أنه يمكث أحقاب بقدر أعماله وبقدر مخالفاته؟ وقد يعاقب على مثل هذا الكلام بعدم العفو عنه وإلا فالذنوب كلها تحت المشيئة، الإنسان قد يرتكب كبائر ثم يغفر الله له، لكن إذا قال مثل هذا الكلام هو يعرض نفسه، يعني مثل هذا الكلام قد يكون فيه محادة لأوامر الله -جل وعلا-، وإلا كلامه مآله إلى الجنة إذا كان من أهل التوحيد، هذا ما يشك فيه أحد، وقد يعاقب بارتكاب هذه المحرمات مع هذا التأويل الذي يحتج به أن يستدرج ويصل به الأمر إلى أن يخلع التوحيد من قلبه بالكلية -نسأل الله السلامة والعافية-، والكلام من حيث التنظير ما فيه إشكال، لكن الكلام على التطبيق، هل يستطيع أن يصبر على النار؟ هل يستطيع أن يصبر على حر الرمضاء؟ جرب يوم واحد من أيام الصيف، اخرج إلى المسجد بدون حذاء لصلاة المغرب، لا أقول: لصلاة الظهر أو العصر، لصلاة المغرب بعد أن تغيب الشمس، شوف أنت تتحمل وإلا ما تتحمل؟ وأبو طالب عليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه، وأنت جرب، جرب حر الرمضاء تشوف.
يقول: ما الرد على من يستشهد بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ:((إن حق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً)) يستشهد به على أنه لا يدخل النار أبداً حتى ولو تمادى في العصيان؟
يعني هذا النص المجمل يقضى به على جميع النصوص المحكمة؟ النصوص المحكمة الوعيد الذي رتب على شارب الخمر مثلاً على شرب الخمر أو على الزنا أو على غيره من الجرائم، نقول: لا يعذب من لا يشرك به شيئاً؟! يعني نص مجمل يرد إلى النصوص الأخرى المبينة المفسرة المفصلة.