على كل حال يقول: فإن كانت من الله تعالى فهي على وجه الحكمة، وإن كانت من الإنسان بغير أمر الله فهي مذمومة، فهي مذمومة، كيف تكون هذه الفتنة من إنسان لإنسان بأمر الله -جل وعلا-، أُمر النبي -عليه الصلاة والسلام- وأمته تبعاً له أن يجاهدوا الكفار والمنافقين، وينزلوا بهم الضرر بسبب كفرهم لكنه بإذن من الله -جل وعلا-، لكن إذا كان هذا الابتلاء وهذا الافتتان من المخلوق للمخلوق غير مأذون به من الله -جل وعلا- فهو مذموم فقد ذم الله الإنسان بإيقاع الفتنة كقوله تعالى:{وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}[سورة البقرة: ١٩١]، الفتنة أشد من القتل لماذا؟ لأن الفتنة تعرض الدين للزوال، والقتل يعرض الحياة للزوال، ولا مناسبة بين تعريض الدين الذي يترتب عليه تضييع الآخرة كلها، يعني يخلد في عذاب دائم في عذاب مستمر هذا الذي خسر، هذا الذي خسر بالفعل، أما من يخسر الدنيا وقد حفظ دينه وثُبِّت عليه هذا لا يأسف على شيء، {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[سورة الزمر: ١٥]، أما خسارة الدنيا لا خسارة، لا تساوي شيء؛ لأن عمر الإنسان ستين سبعين ثمانين مائة سنة ينتهي، لكن أبد الآباد مخلد في جنة أو في نار، هذا الربح العظيم، أو الخسارة، هذه الكارثة التي لا يمكن تعوضها، ولذا يقول الله -جل وعلا-: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}[سورة البقرة: ١٩١]، {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}[سورة البقرة: ١٩١]، فقوله -جل وعلا-: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}[سورة البروج: ١٠]، هؤلاء فتنوهم بغير إذن من الله -جل وعلا- فهم فذمهم الله -جل وعلا-، {ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}[سورة البروج: ١٠]، نسأل الله العافية؛ لأنه بغير إذن، لكن لو حصل تحريق عند من يقول بجواز تحريق اللوطي مثلاً، هؤلاء فتنوا المؤمنين وحرقوهم؛ لأنهم آمنوا، ففتنوهم بغير إذن من الله -جل وعلا-، لكن لو حصل تحريق عند من يرى جواز التحريق للوطي هذا قول عند أهل العلم، وأقوال أهل العلم في المسألة كثيرة، لكن عند من يقول لو حرق