القصة اللي ذكرناها مراراً شخص تقدم إلى المسجد وصار بجوار المؤذن، قرأ من القرآن ما قرأ حتى جاءت الإقامة، لما كبر الإمام كبر معه، يقول: فنظرت إلى المسجد فإذا المسجد كبير ونظيف، لكن ما فيه منبر، قلت: أكيد أن هذا مسجد فروض ما هو بجامع، ويصلي، لكن لا بد يصير جامع هذا ما في أفضل منه، لكن المشكلة المنبر وين، فإذا بجوار المحراب غرفة قلت: سهل، هذه تصلح تسقف مع النصف وتصير منبر ويش المانع، وهو يصلي، فتح الغرفة فإذا فيها أثاث، يقول: ما انتهيت من نقل الأثاث إلا مع السلام، ما الذي جعل هذه الخطرات تخطر له في هذا الوقت؟ إلا لأن وقته معمور بالقيل والقال، وإلا لو حفظ نفسه لحفظ، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، فالخلطة هذا أثرها، والعزلة لا شك أن فيها نفع عظيم لا سيما في أوقات الفتن التي لا يستطاع رفعها ولا دفعها، ويخشى من تأثر الإنسان بها، فإذا كان الإنسان من النوع المؤثر هذا لا يجوز له أن يعتزل بل لا بد أن يخالط الناس ويؤثر فيهم، ويسعى في تخفيف هذه الفتن، إذا كان يتأثر ولا يؤثر مثل هذا مع وجود هذه المنكرات، مع وجود هذه الفتن عليه أن يعتزل، والشراح شراح البخاري وغيره، يقولون: المتعين في هذه الأزمان العزلة، الشراح بعضهم في الثامن، وبعضهم في التاسع، يعني من سبعمائة سنة، أو ستمائة سنة، وخمسمائة سنة، يقولون: المتعين العزلة؛ لعدم خلو المحافل من المنكرات، يقولون هذا قبل الانفتاح وقبل الدشوش، وقبل اختلاط المسلمين بغيرهم، وقبل العادات الوافدة من الكفار، يقولون: متعين عزلة، إحنا أدركنا الناس قبل ثلاثين سنة يختلف وضعهم اختلاف جذري، قبل انفتاح الدنيا، فكيف بقبل خمسمائة ستمائة سنة، على كل حال مثل هذه الأمور إنما تقدر بحسب اختلاف الناس والأحوال والظروف والحاجة إلى الإنسان وما يترتب على ذلك من فعل واجبات، أو ترك واجبات، وتضييع حقوق، لأنه يوجد في هذه الأوقات ولله الحمد من يؤدي الحقوق وزيادة، تجدوه في الدوام من الثامنة إلى الثانية، وتجده إذا خرج يذهب إلى المسجد الذي يصلى فيه على الجنائز، ثم بعد ذلك يتبع الجنازة إلى المقبرة، ثم يعود إلى بيته يجيب على أسئلة مثلاً، ويأنس بأولاده ويؤنسهم ثم إذا صلى