((تركه ما لا يعنيه)) (ما) هذه اسم موصول، وهي في الأصل لغير العاقل، بمعنى الذي، ويؤتى بها للتعميم؛ لأن الغالب غير العقلاء، مما لا يعنيه، و (لا) هذه نافية، و ((يعنيه)) يقال: عناه الأمر يعنيه إذا تعلقت عنايته به، وكان من غرضه وإرادته.
يقول الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-: والعناية شدة الاهتمام بالشيء، يقال: عناه يعنيه إذا اهتم به وطلبه، كثيراً ما يقال: عُني به فلان، وقد يقال: اعتنى به فلان، هذا الشيء عُني به فلان، أو اعتنى به فلان، أيهما الأفصح؟ مثلاً كتاب -كتاب لإمام من الأئمة- حققه شخص، قال: اعتنى به وخرج أحاديثه، ورقم آياته وقابل نسخه فلان، اعتنى به، وقد يقال: عني به أو بعناية فلان، أيهما أفصح؟
طالب: اعتنى به.
اعتنى به أفصح، كيف؟
أيهما أفصح يا شيخ؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هم ينصون على أن عني به أفصح؛ لأن المصدر عناية أفصح من اعتنى به، وإن جاز في اللفظ الثاني ليس هناك ما يمنع من استعمالها، إلا أنها أقل؛ لأن الاعتناء بالشيء والعناية به متقاربان، لكن أصل المادة العناية.
وهنا قال:((ما لا يعنيه)) ما قال: يعتني به، يقول الطوفي: والذي يعني الإنسان من الأمور ما يتعلق بضرورة حياته في معاشه وسلامته في معاده، وذلك يسير بالنسبة إلى ما لا يعنيه، فإذا اقتصر الإنسان على ما يعنيه من الأمور سلم من شر عظيم عميم، وذلك يكون بحسن الإسلام؛ لأن السلامة من الشر خير عظيم، والسلامة من الشر من حسن إسلام المرء.