أقول: من سعى لتحقيق الهدف من وجوده ارتاح الراحة التامة من كثير مما يعانيه الناس اليوم من أمراض عضوية ونفسية، لماذا؟ لأن هدفه محدد، غير مشتت، هدفه أن يرضي الله -جل وعلا- بعبادته التي خلق من أجلها، فهو يسعى لتحقيق هذا الهدف، وما يعين على تحقيق هذا الهدف من باب التبع، لا على سبيل الاستقلال، لا على جهة الاستقلال، لكن إذا كان هدفه الدنيا تشتت، الدنيا كما يقول الناس: لا يلحق لها طرف، أمورها لا تنتهي، مطالبها لا يمكن الإحاطة بها، وجاءت الإشارة إلى هذا المعنى في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من أصبح والدنيا همه شتت الله شمله)) بلا شك يريد أن يحوش الدنيا بحذافيرها لا يستطيع، الدنيا لا يمكن الإحاطة بها، ونهم الإنسان إذا انفتح على هذه الدنيا لا يمكن أن يرتاح له بال؛ لأنه أي شيء يراه بحيث يعجبه عند فلان أو علان يريده، ذكر عند فلان بيت قصر منيف، سعى لتحقيق هذا الهدف، ذكر عند علان سيارة فارهة، سعى لتحقيق هذا الهدف، ذكر عند فلان امرأة جميلة أو بنت سعى لتحقيق هذا الهدف، كيف يحيط بهذه الأمور؟ لا يمكن أن يحيط بهذه الأمور ولو بذل جميع ما أوتي من .... وما مد له من عمر، واستغل جميع اللحظات من عمره لا يستطيع أن يحقق مثل هذه الأمور، ولن يحصل له من دنياه إلا ما كتب له، لكن من جعل الهدف الشرعي الحقيقي وهو عبادة الله -جل وعلا- على مراده -جل وعلا- وعلى ضوء ما جاء عن نبيه -عليه الصلاة والسلام- القدوة الأسوة، يجتمع همه، ولا يتفرق شمله، ويحدد مساره وحينئذ يرتاح يمشي على نور وعلى بينة، وعلى برهان، وعلى بصيرة.
يقول: والذي يعني الإنسان من الأمور ما يتعلق بضرورة حياته في معاشه وسلامته في معاده، وهذا الأهم وذلك يسير بالنسبة إلى ما لا يعنيه، فإذا اكتفى الإنسان على ما يعينه من الأمور سلم من شر عظيم، وذلك يعود بحسن الإسلام؛ لأن السلامة من الشر خير عظيم، والسلامة من الشر من حسن إسلام المرء.