يقول الطوفي: واعلم أن كل شيء فإما أن يعني الإنسان أو لا يعنيه، وعلى التقديرين: فإما أن يفعله الإنسان أو يتركه، فهي أربعة أقسام، يعني قسمة منطقية، تمامها أربعة أقسام ذكر منها اثنين، القسم الأول: فعل ما يعني وترك ما لا يعني، وهما حسنان، يعني فعل ما يعني وترك ما لا يعني هذان حسنان يقول، الثاني: يقابله، ترك ما يعني وفعل ما لا يعني، وهما قبيحان، ترك الثالث والرابع للعلم بهما، أنه للتزاوج، فعل ما يعني وما لا يعني هذا حسن من وجه قبيح من وجه، الرابع: ترك الأمرين، ترك ما يعني وما لا يعني، هذا أيضاً قبيح من وجه وحسن من وجه، وإذا عرفنا هذا فمما لا يعني فضول الكلام، فضول الأكل، فضول النوم، فضول النظر، الفضول بعمومها لا تعني المسلم، والخطرات، الهواجس، الأماني كلها لا تعني المسلم التي تحول دون الإنسان وتحصيل ما ينفعه في معاشه ومعاده، وهي من أعظم مداخل الشيطان إلى قلب العبد، فمن وفق لترك ما لا يعني من الكلام من المباح فضلاً عن المحرم من الغيبة والنميمة وغيرها لا شك أن هذه علامة لإرادة الخير للإنسان، ومن كلام السلف: من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه إلا فيما ينفعه، أن يقل خيراً.
وقال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: من عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه.
قال ابن رجب -رحمه الله تعالى- وهو كما قال: فإن كثيراً من الناس لا يعد كلامه من عمله فيجازف فيه، ولا يتحرى، وقد خفي هذا على معاذ بن جبل -رضي الله عنه- حتى سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أنؤاخذ بما نتكلم به؟ فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على وجوههم -أو قال-: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم)).
احفظ لسانك أيها الإنسانُ ... لا يلدغنك إنه ثعبانُ ومع الأسف الشديد أن حال كثير من المسلمين اليوم بل يوجد في طلبة العلم -مع الأسف الشديد- من وظف نفسه للقيل والقال فيما لا يعني.