أما ما عرف عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين من تدافعهم الفتوى، لعلمهم بخطرها، وعظم شأنها فالمفتي موقع عن الله -جل وعلا-، فإذا وجد من ينوب بها ويقوم بها ويسقط الواجب فعلى الإنسان أن يدفعها، ومن وجوه الدفع أن يقال للسائل إذا كان السؤال لا فائدة عملية من ورائه، أن يسأل: هل وقع أم لم يقع؟ وهذا وجه من وجوه الدفع، أما إذا كان السائل من طلاب العلم الذي يريد أن يعرف هذه المسألة، وما تفرعت عنه، ويقيس عليها نظائرها، كما وجد من العلماء الأئمة المتبوعين في كتبهم وكتب أتباعهم من تفريع المسائل وتشقيق المسائل لتمرين الطلاب، لتمرين الطلاب عليها، هذا لا بأس والحاجة داعية إليه، لكن إذا عرف من السائل أنه لا يستفيد من هذا السؤال، يصرف عنه، ويصرف عنه بما هو أهم منه، فإذا سأل شخص أمر لا يحتاجه أجيب بما يحتاج إليه، بقدر الإمكان، وهذا يسمونه الأسلوب الحكيم، قد يسأل الإنسان سؤال ليس بحاجته، سأل طفل في الثالثة ابتدائي سأل أحد الشيوخ قال: ما حكم حلق شعر الصدر؟ الطفل ما بعد صار له شيء، قال: أنت هذا السؤال لا ينفعك ولا يفيدك، فاسأل عما يفيدك، مثل هذا السؤال تعرف أنه ليست واقعة نازلة لا يجوز كتم العلم فيها، هذه كتمها فيها مندوحة، فكون الإنسان يصرف عن سؤاله إلى ما هو أهم منه، لا سيما إذا ظهر من السائل أنه لا علاقة له بالسؤال، أو لا يعنيه السؤال، كالعامي أو آحاد الناس، يسأل في مسائل عملية كبرى، قد يكون فيها مصير للأمة بكاملها، يسأل واحد من أفراد الناس، يصرف عنها، هذا السؤال لإنسان له دور له أثر، إذا عرف الجواب، فيصرف إلى ما يعنيه، فالسؤال يدخل، الذي لا يعني الشخص يدخل دخولاً أولياً في حديث اليوم:((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) قد يجاب بعض الناس إذا سأل بعض الأسئلة أن يقال: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) ويجاب بهذا؛ لأن هذا الأمر لا يعنيك.
أما ناقل الفتوى إذا كان المفتي الأول ممن تبرأ الذمة بقوله، فناقل الفتوى مأجور، مأجور مشيع للخير، أما إذا كانت الفتوى ممن لا تبرأ الذمة به، أو مما هو من زلات العلماء فهذا لا شك أنه إشاعة لمثل هذه الزلات، ولا يجوز.