فقال: كيف لا أصلي خلف مالك وسعيد بن المسيب، يعني أئمة لهم أدلتهم، فمراعاة الإمام للمصلين لمن خلفه، إذا كانوا يخالفونه في أحكام الصلاة، أهل العلم بعضهم يرى الارتباط الوثيق بين المأموم والإمام، فيقرر أن صلاة المأموم تبطل ببطلان صلاته إمامه، فتبعاً لهذا هل يراعي المأموم من خلفه؟ أو لا يراعيهم؟ عرفنا أن المأموم يصلي خلف الإمام وإن كان مخالفاً له في بعض المسائل دون بعض، لكن المأموم، المأموم لا يرى الجهر بالبسملة، الإمام لا يرى الجهر بالبسملة، وكلهم يرون الجهر بالبسملة، ماذا يصنع؟ يجهر أو ما يجهر؟ هل يراعي المأمومين أو ما يراعيهم؟ نقول: هذه المسألة سهلة والخلاف فيها سائغ، ولو راعاهم والخلاف شر كما تقدم عن ابن مسعود لا بأس، لكن إذا كانوا يرون يخل بالصلاة يراعيهم أو ما يراعيهم؟ لا يراعيهم، ولذا نقرر أن قاعدة الخلاف شر المأثور عن ابن مسعود ليست على إطلاقها، فتقبل في بعض المسائل دون بعض، والمسألة كبرى وتحتاج إلى دورة ما هو محاضرة، مسألة الخلاف وما يتعلق به لا سيما وأن الخلاف الآن على أشده ويفتي من خلال وسائل الإعلام من ليس بأهل للفتوى، وأطلع عوام المسلمين على الأقوال المخالفة، وعلى الشبه التي تقع في قلوبهم، وهم في قعر بيوتهم مثل هذا الموضوع يحتاج إلى عناية كبيرة، فلو أقيم له دورة ما هو بكثير، فأطلع العوام على الخلاف، فحصل عندهم شيء من الاضطراب، وكثير منهم نسب هذا الخلاف إلى اختلاف الدين، فيرون أن الدين تغير، وأن الدين عرضة لئن يغير، وأن يبدل هم لا يعرفون من أسباب الخلاف شيء التي يعذرون بها أهل العلم، فما دام العوام أطلعوا على الخلاف من حقهم أن يطلعوا على أسباب الخلاف بأسلوب يناسب عقولهم وإدراكهم.
الموقف ممن يفتي بغير علم أو بهوى أو ديدنه التساهل، أو ديدنه التشدد، المقصود أنه ليس على الجادة، الدين يسر، ولن يشاد أحد الدين إلا غلبه، لكن لا يعني هذا أننا نتنصل من الدين ونتتبع الرخص، لا، علينا بالدليل، فكل قول يسرده الدليل هو الذي يجب أن يعمل به، وهو الذي يفتى به.