إذا قام – بعد أن توافرت الشروط التي ذكرناها– إذا قام بين يدي ربه -عز وجل- كبَّر كما في حديث أبي حميد وغيره ماذا يقول: إذا توافرت هذه الشروط أقبل، ونحن نشرح صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- أقبل على صلاته مفرغاً قلبه من هموم الدنيا, منتظراً لها –لصلاته-, مرتاحاً بها.
هكذا كانت حاله -عليه الصلاة والسلام-, بخلاف حال كثير من الناس, يأتي وذهنه مشغول بأمور دنياه، يأتي الواحد منا وذهنه مشغول بأمور الدنيا, فأحياناً يدخل الإنسان في صلاته وينصرف منها ما عقل منها شيئاً, وحينئذ لا يكون له من الأجر شيء، من أجر الصلاة, وليس له من صلاته إلا ما عقل، أحياناً يأتي للصلاة وهو مستثقل لها يريد الراحة منها, خلاف حال النبي -عليه الصلاة والسلام-, الذي يرتاح بها من هموم دنياه؛ لأنه يستحضر بقلبه وقالبه أنه ماثل بين يدي ربه -جل وعلا-.
لكن انشغلنا بأمور دنيانا فعوقبنا بانصراف القلوب عن هذه العبادة العظيمة, ولو استحضرنا مثولنا بين يدي الله -جل وعلا- ما صارت حالنا كهذه, ولما شُغلنا بأدنى شاغل ونحن في الصلاة، أدنى شاغل يشغلنا: تجد الإنسان يدخل المسجد –وهذه قصة واقعة– دخل شخص المسجد فلما كبر الإمام تأمل هذا المصلي المسجد, فوجده مسجداً كبير ومناسب, إلا أنه ليس بجامع؛ فأخذ يخطط لهذا المسجد كيف يكون جامع وهو ليس فيه منبر؟ يخطط للمسجد كيف يكون جامع وما فيه منبر؟ وإذا بجانب المحراب غرفة, فقال: تُزَال هذه الغرفة ويحط منبر. يقول: فرغوا من الصلاة وأنا أنقل العفش اللي في الغرفة إلى آخر المسجد، يعني نأتي إلى الصلاة ونحن بهذه القلوب مع الأسف الشديد, لماذا؟ لأننا شُغِلنا بدنيانا, ولم يكن همنا إرضاء ربنا والإقبال على ما يرضيه.