لكن روى أبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير, وليضع يديه قبل ركبتيه)) هذا عكس الحديث السابق، في حديث وائل:(رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه) رواه الأربعة، وصححه بعض أهل العلم، لكن روى أبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير, وليضع يديه قبل ركبتيه)) وهو أقوى من حديث وائل, حديث أبي هريرة أقوى من حديث وائل، يقول الحافظ ابن حجر: فإن له شاهداً من حديث ابن عمر, صححه ابن خزيمة, وذكره البخاري معلقاً موقوفاً، فهذه المسألة تحتاج إلى بسط, وتحتاج إلى توضيح, الآن عندنا حديثان متضادان في الظاهر, وإذا رأيت من يرجح تقديم الركبتين, كما في حديث وائل, يحكم على الحديث الثاني بأنه ضعيف لأنه مقلوب, وإذا رأيت من يرجح تقديم اليدين على الركبتين, لأنه أقوى من حيث الصناعة وله شواهد, حكم على الحديث الثاني بأنه ضعيف، ابن القيم -رحمه الله تعالى- قال: إن الحديث الثاني حديث أبي هريرة مقلوب، كيف مقلوب؟ يقول:((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير, وليضع يديه قبل ركبتيه)) يقول: إذا وضع يديه قبل ركبتيه، البعير يقدم يديه في بروكه قبل ركبتيه, إذن يكون هذا تناقض, فهو مقلوب؛ لأننا لو أخذناه على ظاهره صرنا متناقضين, هذا تناقض، هكذا قرر ابن القيم, وأطال -رحمه الله تعالى- في تقرير القلب في هذا الحديث, وأجلب على هذه المسألة بكل ما أوتي من قوة وبيان وسعة اطلاع, ليقرر أن الحديث مقلوب.
وبعضهم يرى وينقل عن بعض كتب أهل اللغة أن ركبتي البعير في يديه, لكن افترض أن ركبتي البعير في يديه, هل ينحل الإشكال؟ ما ينحل الإشكال؛ لأنه إذا قدم يديه أشبه بروك البعير في الصورة.
شيخ الإسلام -رحمه الله- يرى أن الصورتين كلاهما صحيحتان وجائزتان, وسواء قدم الإنسان يديه أو قدم ركبتيه سيان, هذه ثابتة من فعله -عليه الصلاة والسلام-, وهذه ثابتة من أمره ((وليضع)) اللام لام الأمر ((وليضع يديه قبل ركبتيه)).