الصوم شرع لحكم ومصالح عظيمة أعظمها: تحقيق التقوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(١٨٣) سورة البقرة] فهذه هي أعظم فوائد الصيام، لكن قد يقول قائل: إن الناس يصومون ولا يتحقق لهم هذا الهدف الذي من أجله شرع الصيام! نقول: أعد النظر في صيامك، هل صيامك على الوجه المطلوب؟ على الوجه الشرعي الذي تترتب عليه آثاره، أم أن فيه خللاً؟ هذا كلام الله -جل وعلا-: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} و (لعل) كما يقول ابن عباس وغيره ليست على بابها، يعني: للترجي، وإنما هي من الله واجبة، فالصوم الشرعي على وجهه يحقق التقوى، كما أن الصلاة التي تكاملت شروطها، وأديت على الوجه الشرعي، تنهى عن الفحشاء والمنكر، والحج إذا أدي على وجهه ((خذوا عني مناسككم)) ولم يخالطه شيء مما يخرمه، ويخرم كماله يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ونحن نرى من يصلي يفرط في بعض الواجبات، ويرتكب بعض المحظورات، إذاً ما نهته صلاته عن الفحشاء والمنكر! نقول: أعد النظر في صلاتك، يصوم ولا يفرط في يوم من أيام رمضان، وقد يحرص حرصاً يخرجه عن الهدي الشرعي بأن يحتاط لصيامه فيقدم السحور، ويؤخر الفطور، وكل هذا من أجل الاحتياط لصيامه، فنقول: مثل هذا الاحتياط لا ينفعك، ولا تزال الأمة بخير ما أخروا السحور، وعجلوا الفطر، أقول: مع هذه الشدة ومع هذا الاحتياط، تجد التقوى لم تتحقق فيه، لأن صيامه فيه خلل، فعلى الإنسان أن يعيد النظر في عباداته، بعضهم يحج ويرجع بآثامه وذنوبه، لأنه لم يؤد الحج على الوجه الشرعي.
فعلينا أن نتفقه في الدين، وننظر في هدي سيد المرسلين، مخلصين في ذلك لله -جل وعلا-، من أجل أن تترتب الآثار على هذه العبادات، فتجد الإنسان -مثلما ذكرنا- يصوم ويصلي ويحج، ويبلغ من العمر ما يبلغ، وهو على عادته، وكأن شيئاً لم يكن، تجد حاله قبل رمضان وبعد رمضان لا فرق، ما تغير من حاله شيء.