الصيام صيام شهر رمضان يثبت برؤية الهلال، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) ومعلوم أن هذا لا يتحقق بالنسبة لجميع الناس، إنما يتحقق لبعض الناس أن يرى الهلال ثم بشهادته إذا قبلت يلزم الناس الصوم ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) فإذا رآه لزمه الصوم، وإذا شهد به وقبلت شهادته لزم الناس الصوم، ويثبت دخول الشهر بشهادة عدل واحد، إذا رآه بالعين، لأن الرؤيا حقيقتها النظر بالبصر، وشهد في ذلك عند الجهات، وقبلوا شهادته فإنه يلزم الناس الصوم، ولا يطالب كل إنسان أن يرى بنفسه، لأن هذا مستحيل، لأن من المكلفين من يستحيل رؤية الهلال بالنسبة له، إما لضعف في بصره، أو لفقده –فقد البصر– فعلم بذلك أن الرؤية ولو من واحد، كما جاء في حديث ابن عمر أنه رأى الهلال فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بصيامه، وكذلك ما يشهد له من حديث ابن عباس في قصة الأعرابي الذي شهد بأنه رأى الهلال، وقرره النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال:((أتشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ )) فأثبت شهادته، وأمر الناس بالصيام، ويكفي في دخول الشهر شاهد واحد ثقة، وهل الرؤية من باب الشهادة أو من باب الإخبار؟ بمعنى أنه يقبل فيه من يقبل خبره، أو أنه شهادة لا يقبل فيه إلا من يقبل في الشهادة؟ فرق بين البابين، لأن دائرة الإخبار أوسع من دائرة الشهادة، لأن الإخبار يقبل فيه الواحد، يقبل فيه المرأة، ويقبل فيه العبد، المقصود أنه يقبل لأنه دين، وأما إذا قلنا: شهادة، ويتعلق بها حقوق الخلق، فلا بد من شاهدين، ولذا خرج دخول الشهر بالنص، بحديث ابن عمر وحديث ابن عباس، وبقيت بقية الأشهر على الأصل، وأنها شهادة تترتب عليها حقوق مالية فلا بد من شاهدين، وفيها الحديث:((وإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا)) خرج الصوم بشهادة ابن عمر وبشهادة الأعرابي.
قد يقول قائل: أن حديث ابن عمر وحديث ابن عباس في قصة الأعرابي لا تدل على أن الشاهد واحد، بل هما اثنان ابن عمر والأعرابي، نقول: لا، هذه قصة وهذه قصة، هذه في سنة وهذه في سنة أخرى.