إذا ثبت دخول الشهر لزم تبييت النية، النية مبيتة عند كل مسلم، بأنه كلما جاء رمضان يصوم، لكن إذا لم يبيت النية قبل طلوع الصبح فإن صيامه لا يصح، والنية شرط لصحة الأعمال، كما في حديث عمر -رضي الله عنه- ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) فلا بد من تبييت النية، وجاء في الحديث:((لا صيام لمن لم يبيت النية من الليل)) وهذا في الفرض، أما في النفل فقد دل الحديث على أنه كان -عليه الصلاة والسلام- إذا جاء إلى أهله سألهم هل عندهم شيء -يعني مما يؤكل- فإن أجابوا بالنفي، قال: إنه صائم -عليه الصلاة والسلام-، فتصح نية النفل من أثناء النهار، على ألا يذهب غالب النهار؛ لأن الحكم للغالب، والنية حينئذ تنعطف، فيؤجر على صيام اليوم كاملاً، وهذا من فضل الله -جل وعلا-، وإن كان بعضهم إنما له أجر ما نواه من أثناء النهار، لكن باعتبار أن الصيام من أثناء النهار غير صحيح، وليس بشرعي، وأنه لا يصح الصيام إلا من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ثبت له هذا الأجر فضل من الله -جل وعلا-، وإن لم ينو إلا في أثناء النهار، ولا بد حينئذ من استيعاب الوقت، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} [(١٨٧) سورة البقرة] لا بد من هذا، وأهل العلم يقولون: إن إمساك جزء من الليل مما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، بمعنى أنه لا يجوز له أن يأكل بعد طلوع الفجر، بل يلزمه أن يمسك قبيل طلوع الفجر؛ لأنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؛ لأن الفجر يعني إدراكه لعموم الناس صعب، متعذر، لا يحصل إدراكه إلا للخواص من الناس، فإذا عرفه وبلغ هؤلاء الخواص فإن تبليغهم للعامة لا يمكن أن يأتي في لحظة، وإذا كان إدراكه بدقة متعذر، فلا بد من إمساك جزء من الليل ولو يسير، جزء يسير ليضمن أنه صام من طلوع الفجر إلى غروب.